بعده بقوله : (وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) مع الكفارة. وقال الزمخشري : (وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) لما سلف منه إذ تاب عنه ولم يعد إليه. انتهى ، وهي نزغة اعتزالية.
والظاهر أن الظهار لا يكون إلا بالأم وحدها. فلو قال : أنت عليّ كظهر أختي أو ابنتي ، لم يكن ظهارا ، وهو قول قتادة والشعبي وداود ، ورواية أبي ثور عن الشافعي. وقال الجمهور : الحسن والنخعي والزهري والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة ومالك والشافعي في قول هو ظهار ، والظاهر أن الذمي لا يلزمه ظهاره لقوله : (مِنْكُمْ) ، أي من المؤمنين وبه قال أبو حنيفة والشافعي لكونها ليست من نسائه. وقال مالك : يلزمه ظهاره إذا نكحها ، ويصح من المطلقة الرجعية. وقال : المزني لا يصح. وقال بعض العلماء : لا يصح ظهار غير المدخول بها ، ولو ظاهر من أمته التي يجوز له وطئها ، لزمه عند مالك. وقال أبو حنيفة والشافعي : لا يلزم ، وسبب الخلاف هو : هل تندرج في نسائهم أم لا؟ والظاهر صحة ظهار العبد لدخوله في يظهرون منكم ، لأنه من جملة المسلمين ، وإن تعذر منه العتق والإطعام ، فهو قادر على الصوم. وحكى الثعلبي عن مالك أنه لا يصح ظهاره ، وليست المرأة مندرجة في الذين يظهرون ، فلو ظاهرت من زوجها لم يكن شيئا. وقال الحسن بن زياد : تكون مظاهرة. وقال الأوزاعي وعطاء وإسحاق وأبو يوسف : إذا قالت لزوجها أنت عليّ كظهر فلانة ، فهي يمين تكفرها. وقال الزهري : أرى أن تكفر كفارة الظاهر ، ولا يحول قولها هذا بينها وبين زوجها أن يصيبها.
والظاهر أن قوله تعالى : (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) : أن يعودوا للفظ الذي سبق منهم ، وهو قول الرجل ثانيا : أنت مني كظهر أمي ، فلا تلزم الكفارة بالقول ، وإنما تلزم بالثاني ، وهذا مذهب أهل الظاهر. وروي أيضا عن بكير بن عبد الله بن الأشج وأبي العالية وأبي حنيفة : وهو قول الفراء. وقال طاووس وقتادة والزهري والحسن ومالك وجماعة : (لِما قالُوا) : أي للوطء ، والمعنى : لما قالوا أنهم لا يعودون إليه ، فإذا ظاهر ثم وطئ ، فحينئذ يلزمه الكفارة ، وإن طلق أو ماتت. وقال أبو حنيفة ومالك أيضا والشافعي وجماعة : معناه يعودون لما قالوا بالعزم على الإمساك والوطء ، فمتى عزم على ذلك لزمته الكفارة ، طلق أو ماتت. قال الشافعي : العود الموجب للكفارة أن يمسك عن طلاقها بعد الظهار ، ويمضي بعده زمان يمكن أن يطلقها فيه فلا يطلق. وقال قوم : المعنى : والذين يظهرون من نسائهم في الجاهلية ، أي كان الظهار عادتهم ، ثم يعودون إلى ذلك في الإسلام ، وقاله القتيبي.