وقال الأخفش : فيه تقديم وتأخير ، والتقدير : فتحرير رقبة لما قالوا ، وهذا قول ليس بشيء لأنه يفسد نظم الآية.
(فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) ، والظاهر أنه يجزىء مطلق رقبة ، فتجزئ الكافرة. وقال مالك والشافعي : شرطها الإسلام ، كالرقبة في كفارة القتل. والظاهر إجزاء المكاتب ، لأنه عبد ما بقي عليه درهم ، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه : وإن عتق نصفي عبدين لا يجزىء. وقال الشافعي : يجزىء. (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) : لا يجوز للمظاهر أن يطأ حتى يكفر ، فإن فعل عصى ، ولا يسقط عنه التكفير. وقال مجاهد : يلزمه كفارة أخرى. وقيل : تسقط الكفارة الواجبة عليه ، ولا يلزمه شيء. وحديث أوس بن الصامت يرد على هذا القول ، وسواء كانت الكفارة بالعتق أم الصوم أم الإطعام. وقال أبو حنيفة : إذا كانت بالإطعام ، جاز له أن يطأ ثم يطعم ، وهو ظاهر قوله : (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) ، إذ لم يقل فيه : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) ، وقيد ذلك في العتق والصوم. والظاهر في التماس الحقيقة ، فلا يجوز تماسهما قبلة أو مضاجعة أو غير ذلك من وجوه الاستمتاع ، وهو قول مالك وأحد قولي الشافعي. وقال الأكثرون : هو الوطء ، فيجوز له الاستمتاع بغيره قبل التكفير ، وقاله الحسن والثوري ، وهو الصحيح من مذهب الشافعي. والضمير في (يَتَمَاسَّا) عائد على ما عاد عليه الكلام من المظاهر والمظاهر منها. (ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ) : إشارة إلى التحرير ، أي فعل عظة لكم لتنتهوا عن الظهار.
(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) : أي الرقبة ولا ثمنها ، أو وجدها ، أو ثمنها ، وكان محتاجا إلى ذلك ، فقال أبو حنيفة : يلزمه العتق ولو كان محتاجا إلى ذلك ، ولا ينتقل إلى الصوم ، وهو الظاهر. وقال الشافعي : ينتقل إلى الصوم. والشهران بالأهلة ، وإن جاء أحدهما ناقصا ، أو بالعدد لا بالأهلة ، فيصوم إلى الهلال ، ثم شهرا بالهلال ، ثم يتم الأول بالعدد. والظاهر وجوب التتابع ، فإن أفطر بغير عذر استأنف ، أو بعذر من سفر ونحوه. فقال ابن المسيب وعطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار والشعبي ومالك والشافعي : في أحد قوليه يبني. وقال النخعي وابن جبير والحكم بن عيينة والثوري وأصحاب الرأي والشافعي : في أحد قوليه. والظاهر أنه إن وجد الرقبة بعد أن شرع في الصوم ، أنه يصوم ويجزئه ، وهو مذهب مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة وأصحابه : يلزمه العتق ، ولو وطئ في خلال الصوم بطل التتابع ويستأنف ، وبه قال مالك وأبو حنيفة. وقال الشافعي : يبطل إن جامع نهارا لا ليلا.
(فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) لصوم لزمانة به ، أو كونه يضعف به ضعفا شديدا ، كما جاء في