وكيفيته وزمانه ومكانه. (وَنَسُوهُ) لاستحقارهم إياه واحتقارهم أنه لا يقع عليه حساب. (شَهِيدٌ) : لا يخفى عليه شيء. وقرأ الجمهور : ما يكون بالياء ؛ وأبو جعفر وأبو حيوة وشيبة : بالتاء لتأنيث النجوى.
قال صاحب اللوامح : وإن شغلت بالجار ، فهي بمنزلة : ما جاءتني من امرأة ، إلا أن الأكثر في هذا الباب التذكير على ما في العامة ، يعني القراءة العامة ، قال : لأنه مسند إلى (مِنْ نَجْوى) وهو يقتضي الجنس ، وذلك مذكر. انتهى. وليس الأكثر في هذا الباب التذكير ، لأن من زائدة. فالفعل مسند إلى مؤنث ، فالأكثر التأنيث ، وهو القياس ، قال تعالى : (وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ) (١) ، (ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها) (٢) ، ويكون هنا تامة ، ونجوى احتمل أن تكون مصدرا مضافا إلى ثلاثة ، أي من تناجي ثلاثة ، أو مصدرا على حذف مضاف ، أي من ذوي نجوى ، أو مصدرا أطلق على الجماعة المتناجين ، فثلاثة : على هذين التقديرين. قال ابن عطية : بدل أو صفة. وقال الزمخشري : صفة. وقرأ ابن أبي عبلة ثلاثة وخمسة بالنصب على الحال ، والعامل يتناجون مضمرة يدل عليه نجوى. وقال الزمخشري : أو على تأويل نجوى بمتناجين ونصبها من المستكن فيه. وقال ابن عيسى : كل سرار نجوى. وقال ابن سراقة : السرار ما كان بين اثنين ، والنجوى ما كان بين أكثر. قيل : نزلت في المنافقين ، واختص الثلاثة والخمسة لأن المنافقين كانوا يتناجون على هذين العددين مغايظة لأهل الإيمان ؛ والجملة بعد إلا في المواضع الثلاثة في موضع الحال ، وكونه تعالى رابعهم وسادسهم ومعهم بالعلم وإدراك ما يتناجون به. وقال ابن عباس : نزلت في ربيعة وحبيب ابني عمرو وصفوان بن أمية ، تحدّثوا فقال أحدهم : أترى الله يعلم ما نقول؟ فقال الآخر : يعلم بعضا ولا يعلم بعضا ، فقال الثالث : إن كان يعلم بعضا فهو يعلمه كله.
(وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ) : إشارة إلى الثلاثة والخمسة ، والأدنى من الثلاثة الاثنين ، ومن الخمسة الأربعة ؛ ولا أكثر يدل على ما يلي الستة فصاعدا. وقرأ الجمهور : (وَلا أَكْثَرَ) عطفا على لفظ المخفوض ؛ والحسن وابن أبي إسحاق والأعمش وأبو حيوة وسلام ويعقوب : بالرفع عطفا على موضع نجوى إن أريد به المتناجون ، ومن جعله مصدرا محضا على حذف مضاف ، أي ولا نجوى أدنى ، ثم حذف وأقيم المضاف إليه مقامه فأعرب بإعرابه. ويجوز أن يكون (وَلا أَدْنى) مبتدأ ، والخبر (إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ) ، فهو من عطف
__________________
(١) سورة الأنعام : ٦ / ٤.
(٢) سورة الحجر : ١٥ / ٥.