المعطوف على المهاجرين. فقال الفراء : هم الفرقة الثالثة من الصحابة ، وهو من آمن أو كفر في آخر مدّة النبي صلىاللهعليهوسلم. وقال الجمهور : أراد من يجيء من التابعين ، فعلى القول الأول : يكون معنى (مِنْ بَعْدِهِمْ) : أي من بعد المهاجرين والأنصار السابقين بالإيمان ، وهؤلاء تأخر إيمانهم ، أو سبق إيمانه وتأخرت وفاته حتى انقرض معظم المهاجرين والأنصار. وعلى القول الثاني : يكون معنى (مِنْ بَعْدِهِمْ) : أي من بعد ممات المهاجرين ، مهاجريهم وأنصارهم. وإذا كان (وَالَّذِينَ) معطوفا على المجرور قبله ، فالظاهر أنهم مشاركو من تقدّم في حكم الفيء.
وقال مالك بن أوس : قرأ عمرو : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ) (١) الآية ، فقال : هذه لهؤلاء ، ثم قرأ : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ) (٢) ، فقال : وهذه لهؤلاء ، ثم قرأ : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) حتى بلغ (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ) إلى (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ). ثم قال : لئن عشت لنؤتين الراعي ، وهو يسير نصيبه منها. وعنه أيضا : أنه استشار المهاجرين والأنصار فيما فتح الله عليه من ذلك في كلام كثير آخره أنه تلا : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) الآية ، فلما بلغ (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) قال : هي لهؤلاء فقط ، وتلا : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ) الآية ، إلى قوله : (رَؤُفٌ رَحِيمٌ) ؛ ثم قال : ما بقي أحد من أهل الإسلام إلا وقد دخل في ذلك. وقال عمر رضي الله تعالى عنه : لو لا من يأتي من آخر الناس ما فتحت قرية إلا قسمتها ، كما قسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم خيبر. وقيل : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ) مقطوع مما قبله ، معطوف عطف الجمل ، لا عطف المفردات ؛ فإعرابه : (وَالَّذِينَ) مبتدأ ، ندبوا بالدعاء للأولين ، والثناء عليهم ، وهم من يجيء بعد الصحابة إلى يوم القيامة ، والخبر (يَقُولُونَ) ، أخبر تعالى عنهم بأنهم لإيمانهم ومحبة أسلافهم (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا) ، وعلى القول الأول يكون (يَقُولُونَ) استئناف إخبار ، قيل : أو حال.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا) الآية : نزلت في عبد الله بن أبيّ ، ورفاعة بن التابوت ، وقوم من منافقي الأنصار ، كانوا بعثوا إلى بني النضير بما تضمنته الجمل المحكية بقوله : (يَقُولُونَ) ، واللام في (لِإِخْوانِهِمُ) للتبليغ ، والإخوة بينهم إخوة الكفر وموالاتهم ، (وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ) : أي في قتالكم ، (أَحَداً) : من الرسول والمؤمنين ؛ أو (لا نُطِيعُ فِيكُمْ) : أي في خذلانكم وإخلاف ما وعدناكم من النصرة ، و (لَنَنْصُرَنَّكُمْ) : جواب قسم محذوف
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ٦٠.
(٢) سورة الأنفال : ٨ / ٤١.