وعن ابن عباس : سبب نزولها أن الوحي أبطأ أربعين يوما ، فقال كعب بن الأشرف : يا معشر يهود ابشروا ، اطفأ الله نور محمد فيما كان ينزل عليه وما كان ليتم نوره ، فحزن الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فنزلت واتصل الوحي. وقرأ العربيان ونافع وأبو بكر والحسن وطلحة والأعرج وابن محيصن : (مُتِمُ) بالتنوين ، (نُورِهِ) بالنصب ؛ وباقي السبعة والأعمش : بالإضافة. وقرأ الجمهور : (تُنْجِيكُمْ) مخففا ؛ والحسن وابن أبي إسحاق والأعرج وابن عامر : مشددا. والجمهور : (تُؤْمِنُونَ) ، (وَتُجاهِدُونَ) ؛ وعبد الله : آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا أمرين ؛ وزيد بن علي بالتاء ، فيهما محذوف النون فيهما. فأما توجيه قراءة الجمهور ، فقال المبرد : هو بمعنى آمنوا على الأمر ، ولذلك جاء يغفر مجزوما. انتهى ، فصورته صورة الخبر ، ومعناه الأمر ، ويدل عليه قراءة عبد الله ، ونظيره قوله : اتقى الله امرؤ فعل خيرا يثب عليه ، أي ليتق الله ، وجيء به على صورة الخبر. قال الزمخشري : للإيذان بوجوب الامتثال وكأنه امتثل ، فهو يخبر عن إيمان وجهاد موجودين ، ونظيره قول الداعي : غفر الله لك ويغفر الله لك ، جعلت المغفرة لقوة الرجاء ، كأنها كانت ووجدت. انتهى. وقال الأخفش : هو عطف بيان على تجارة ، وهذا لا يتخيل إلا على تقدير أن يكون الأصل أن تؤمنوا حتى يتقدر بمصدر ، ثم حذف أن فارتفع الفعل كقوله :
ألا أيهذا الزاجري احضر الوغا
يريد : أن احضر ، فلما حذف أن ارتفع الفعل ، فكان تقدير الآية (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) : إيمان بالله ورسوله وجهاد. وقال ابن عطية : (تُؤْمِنُونَ) فعل مرفوع تقديره ذلك أنه تؤمنون. انتهى ، وهذا ليس بشيء ، لأن فيه حذف المبتدأ وحذف أنه وإبقاء الخبر ، وذلك لا يجوز. وقال الزمخشري : وتؤمنون استئناف ، كأنهم قالوا : كيف نعمل؟ فقال : تؤمنون ، ثم اتبع المبرد فقال : هو خبر في معنى الأمر ، وبهذا أجيب بقوله : (يَغْفِرْ لَكُمْ). انتهى. وأما قراءة عبد الله فظاهرة المعنى وجواب الأمر يغفر ، وأما قراءة زيد فتتوجه على حذف لام الأمر ، التقدير : لتؤمنوا ، كقول الشاعر :
قلت لبواب على بابها |
|
تأذن لي أني من أحمائها |
يريد : لتأذن ، ويغفر مجزوم على جواب الأمر في قراءة عبد الله وقراءة زيد ، وعلى تقدير المبرد. وقال الفراء : هو مجزوم على جواب الاستفهام ، وهو قوله : (هَلْ أَدُلُّكُمْ) ، واستبعد هذا التخريج. قال الزجاج : ليسوا إذا دلهم على ما ينفعهم يغفر لهم ، إنما يغفر لهم إذا آمنوا وجاهدوا. وقال المهدوي : إنما يصح حملا على المعنى ، وهو أن يكون