باليسير من الرزق ، ويرضى الله منهم بالقليل من العمل». وأحمد علم منقول من المضارع للمتكلم ، أو من أحمد أفعل التفضيل ، وقال حسان :
صلى الإله ومن يحف بعرشه |
|
والطيبون على المبارك أحمد |
وقال القشيري : بشر كل نبي قومه بنبينا محمد صلىاللهعليهوسلم ، والله أفرد عيسى بالذكر في هذا الموضع لأنه آخر نبي قبل نبينا صلىاللهعليهوسلم ، فبين أن البشارة به عمت جميع الأنبياء واحدا بعد واحد حتى انتهت إلى عيسى عليهالسلام. والظاهر أن الضمير المرفوع في (جاءَهُمْ) يعود على عيسى لأنه المحدث عنه. وقيل : يعود على أحمد. لما فرغ من كلام عيسى ، تطرق إلى الإخبار عن أحمد صلىاللهعليهوسلم ، وذلك على سبيل الإخبار للمؤمنين ، أي فلما جاء المبشر به هؤلاء الكفار بالمعجزات الواضحة قالوا : (هذا سِحْرٌ مُبِينٌ). وقرأ الجمهور : سحر ، أي ما جاء به من البينات. وقرأ عبد الله وطلحة والأعمش وابن وثاب : ساحر ، أي هذا الحال ساحر. وقرأ الجمهور : يدعى مبنيا للمفعول ؛ وطلحة : يدعى مضارع ادعى مبنيا للفاعل ، وادعى يتعدى بنفسه إلى المفعول به ، لكنه لما ضمن معنى الانتماء والانتساب عدى بإلى. وقال الزمخشري : أيضا ، وقرأ طلحة بن مصرف : وهو يدعى بشد الدال ، بمعنى يدعى دعاه وادعاه ، نحو لمسه والتمسه.
(يُرِيدُونَ) الآية : تقدم تفسير نظيرها في سورة التوبة. وقال الزمخشري : أصله : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا) (١) ، كما جاء في سورة براءة ، وكأن هذه اللام زيدت مع فعل الإرادة تأكيدا له لما فيها من معنى الإرادة في قولك : جئتك لأكرمك ، كما زيدت اللام في : لا أبا لك ، تأكيدا لمعنى الإضافة في : لا أبا لك. انتهى. وقال نحوه ابن عطية ، قال : واللام في قوله : (لِيُطْفِؤُا) لام مؤكدة ، دخلت على المفعول لأن التقدير : يريدون أن يطفؤا ، وأكثر ما تلزم هذه اللام المفعول إذا تقدم ، تقول : لزيد ضربت ، ولرؤيتك قصرت. انتهى. وما ذكره ابن عطية من أن هذه اللام أكثر ما تلزم المفعول إذا تقدم ليس بأكثر ، بل الأكثر : زيدا ضربت ، من : لزيد ضربت. وأما قولهما إن اللام للتأكيد ، وإن التقدير أن يطفؤا ، فالإطفاء مفعول (يُرِيدُونَ) ، فليس بمذهب سيبويه والجمهور. وقال ابن عباس وابن زيد : هنا يريدون إبطال القرآن وتكذيبه بالقول. وقال السدي : يريدون دفع الإسلام بالكلام. وقال الضحاك : هلاك الرسول صلىاللهعليهوسلم بالأراجيف. وقال ابن بحر : إبطال حجج الله بتكذيبهم.
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ٣٢.