التحرك ، فجيء بما هو طارئ غير أصل بلفظ الفعل على معنى أنهن صافات ، ويكون منهن القبض تارة بعد تارة ، كما يكون من السابح. انتهى. وملخصه أن الغالب هو البسط ، فكأنه هو الثابت ، فعبر عنه بالاسم. والقبض متجدد ، فعبر عنه بالفعل ب (ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ) : أي بقدرته. قال الزمخشري : وبما دبر لهن من القوادم والخوافي ، وبنى الأجسام على شكل وخصائص قد يأتي منها الجري في الجو (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) : يعلم كيف يخلق وكيف يدبر العجائب. انتهى ، وفيه نزوع إلى قول أهل الطبيعة. ونحن نقول : إن أثقل الأشياء إذا أراد إمساكها في الهواء واستعلاءها إلى العرش كان ذلك ، وإذا أراد إنزال ما هو أخف سفلا إلى منتهى ما ينزل كان ، وليس ذلك معذوقا بشكل ، لا من ثقل ولا خفة. وقرأ الجمهور : ما يمسكهن مخففا. والزهري مشددا. وقرأ الجمهور : (أَمَّنْ) ، بإدغام ميم أم في ميم من ، إذ الأصل أم من ، وأم هنا بمعنى بل خاصة لأن الذي بعدها هو اسم استفهام في موضع رفع على الابتداء ، وهذا خبر ، والمعنى : من هو ناصركم إن ابتلاكم بعذابه ؛ وكذلك من هو رازقكم أن أمسك رزقه ، والمعنى : لا أحد ينصركم ولا يرزقكم. وقرأ طلحة : أمن بتخفيف الميم ونقلها إلى الثانية كالجماعة. قال صاحب اللوامح : ومعناه : أهذا الذي هو جند لكم ينصركم ، أم الذي يرزقكم؟ فلفظه لفظ الاستفهام ، ومعناه التقريع والتوبيخ. انتهى. (بَلْ لَجُّوا) : تمادوا ، (فِي عُتُوٍّ) : في تكبر وعناد ، (وَنُفُورٍ) : شراد عن الحق لثقله عليهم. وقيل : هذا إشارة إلى أصنامهم.
(أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ) ، قال قتادة نزلت مخبرة عن حال القيامة ، وأن الكفار يمشون فيها على وجوههم ، والمؤمنون يمشون على استقامة. وقيل للنبي صلىاللهعليهوسلم : كيف يمشى الكافر على وجهه؟ فقال : «إن الذي أمشاه في الدنيا على رجليه قادر أن يمشيه في الآخرة على وجهه». فالمشي على قول قتادة حقيقة. وقيل : هو مجاز ، ضرب مثلا للكافر والمؤمن في الدنيا. فقيل : عام ، وهو قول ابن عباس ومجاهد والضحاك ، نزلت فيهما. وقال ابن عباس أيضا : نزلت في أبي جهل والرسول عليه الصلاة والسلام. وقيل : في أبي جهل وحمزة ، والمعنى أن الكافر في اضطرابه وتعسفه في عقيدته وتشابه الأمر عليه ، كالماضي في انخفاض وارتفاع ، كالأعمى يتعثر كل ساعة فيخر لوجهه. وأما المؤمن ، فإنه لطمأنينة قلبه بالإيمان ، وكونه قد وضح له الحق ، كالماشي صحيح البصر مستويا لا ينحرف على طريق واضح الاستقامة لا حزون فيها ، فآلة نظره صحيحة ومسلكه لا صعوبة فيه. و (مُكِبًّا) : حال من أكب ، وهو لا يتعدى ، وكب متعد ، قال تعالى : (فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي