سام بن نوح ؛ وعاد الثانية : من ولد عاد الأولى. وقرأ الجمهور : (عاداً الْأُولى) ، بتنوين عادا وكسره لالتقائه ساكنا مع سكون لام الأولى وتحقيق الهمزة بعد اللام. وقرأ قوم كذلك ، غير أنهم نقلوا حركة الهمزة إلى اللام وحذفوا الهمزة. وقرأ نافع وأبو عمرو : بإدغام التنوين في اللام المنقول إليها حركة الهمزة المحذوفة ، وعاد هذه القراءة للمازني والمبرد. وقالت العرب في الابتداء بعد النقل : الحمر ولحمر ، فهذه القراءة جاءت على الحمر ، فلا عيب فيها ، وهمز قالون عين الأولى بدل الواو الساكنة. ولما لم يكن بين الضمة والواو حائل ، تخيل أن الضمة على الواو فهمزها ، كما قال :
أحب المؤقدين إليّ مؤسى
وكما قرأ بعضهم : على سؤقه ، وهو توجيه شذوذ ، وفي حرف أبي عاد غير مصروف جعله اسم قبيلة ، فمنعه الصرف للتأنيث والعملية ، والدليل على التأنيث وصفه بالأولى. وقرأ الجمهور : وثمودا مصروفا ، وقرأه غير مصروف : الحسن وعاصم وعصمة. (فَما أَبْقى) : الظاهر أن متعلق أبقى يرجع إلى عاد وثمود معا ، أي فما أبقى عليهم ، أي أخذهم بذنوبهم. وقيل : (فَما أَبْقى) : أي فما أبقى منهم عينا تطرف. وقال ذلك الحجاج بن يوسف حين قيل له إن ثقيفا من نسل ثمود ، فقال : قال الله تعالى : (وَثَمُودَ فَما أَبْقى) ، وهؤلاء يقولون : بقيت منهم بقية ، والظاهر القول الأول ، لأن ثمود كان قد آمن منهم جماعة بصالح عليهالسلام ، فما أهلكهم الله مع الذين كفروا به.
(وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ) : أي من قبل عاد وثمود ، وكانوا أول أمة كذبت من أهل الأرض ، ونوح عليهالسلام أول الرسل. والظاهر أن الضمير في (إِنَّهُمْ) عائد على قوم نوح ، وجعلهم (أَظْلَمَ وَأَطْغى) لأنهم كانوا في غاية العتو والإيذاء لنوح عليهالسلام ، يضربونه حتى لا يكاد يتحرك ، ولا يتأثرون لشيء مما يدعوهم إليه. وقال قتادة : دعاهم ألف سنة إلا خمسين عاما ، كلما هلك قرن نشأ قرن ، حتى كان الرجل يأخذ بيد ابنه يتمشى به إليه ، يحذره منه ويقول : يا بني إن أبي مشى بي إلى هذا ولنا مثلك يومئذ ، فإياك أن تصدقه ، فيموت الكبير على الكفر ، وينشأ الصغير على وصية أبيه. وقيل : الضمير في إنهم عائد على من تقدم عاد وثمود وقوم نوح ، أي كانوا أكفر من قريش وأطغى ، ففي ذلك تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم. وهم يجوز أن يكون تأكيدا للضمير المنصوب ، ويجوز أن يكون فصلا ، لأنه واقع بين معرفة وأفعل التفضيل ، وحذف المفضول بعد الواقع خبرا لكان ، لأنه جار مجرى خبر المبتدأ ، وحذفه فصيح فيه ، فكذلك في خبر كان.