وقال أنس ويمان ومجاهد والكسائي والفراء ، واختاره النحاس : مستمر : مار ذاهب زائل عن قريب ، عللوا بذلك أنفسهم. وقيل مستمر : شديد المرارة ، أي مستبشع عندنا مر ، يقال : مر الشيء وأمر ، إذا صار مرا ، وأمر غيره ومره ، يكون لازما ومتعديا. وقيل : مستمر : يشبه بعضه بعضا ، أي استمرت أفعاله على هذا الوجه من التخيلات. وقيل : مستمر : مار من الأرض إلى السماء ، أي بلغ من سحره أنه سحر القمر. (وَكَذَّبُوا) : أي بالآيات وبمن جاء بها ، أي قالوا هذا سحر مستمر سحرنا محمد. (وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) : أي شهوات أنفسهم وما يهوون. (وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) ، بكسر القاف وضم الراء : مبتدأ وخبر. قال مقاتل : أي له غاية ينتهى إليها. وقال الكلبي : مستقرّ له حقيقة ، فما كان في الدنيا فسيظهر ، وما كان في الآخرة فسيعرف. وقال قتادة : معناه أن الخير يستقر بأهل الخير ، والشر بأهل الشر. وقيل : يستقر الحق ظاهرا ثابتا ، والباطل زاهقا ذاهبا. وقيل : كل أمر من أمرهم وأمره يستقر على خذلان أو نصرة في الدنيا وسعادة ، أو شقاوة في الآخرة. وقرأ شيبة : مستقر بفتح القاف ، ورويت عن نافع ؛ وقال أبو حاتم : لا وجه لفتح القاف. انتهى. وخرجت على حذف مضاف ، أي ذو استقرار ، وزمان استقرار. وقرأ أبو جعفر وزيد بن علي : مستقر بكسر القاف والراء معا صفة لأمر. وخرجه الزمخشري على أن يكون وكل عطفا على الساعة ، أي اقتربت الساعة ، واقترب كل أمر مستقر يستقر ويتبين حاله ، وهذا بعيد لطول الفصل بجمل ثلاث ، وبعيد أن يوجد مثل هذا التركيب في كلام العرب ، نحو : أكلت خبزا وضربت زيدا ، وأن يجيء زيد أكرمه ورحل إلى بني فلان ولحما ، فيكون ولحما عطفا على خبزا ، بل لا يوجد مثله في كلام العرب. وخرجه صاحب اللوامح على أنه خبر لكل ، فهو مرفوع في الأصل ، لكنه جر للمجاورة ، وهذا ليس بجيد ، لأن الخفض على الجوار في غاية الشذوذ ، ولأنه لم يعهد في خبر المبتدأ ، إنما عهد في الصفة على اختلاف النحاة في وجوده ، والأسهل أن يكون الخبر مضمرا لدلالة المعنى عليه ، والتقدير : (وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) بالغوه ، لأن قبله : (وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) : أي وكل أمر مستقر لهم في القدر من خير أو شر بالغه هم. وقيل : الخبر حكمة بالغة ، أي وكل أمر مستقر حكمة بالغة. ويكون : (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ) اعتراض بين المبتدأ وخبره.
(وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ) : أي من الأخبار الواردة في القرآن في إهلاك من كذب الأنبياء وما يؤولون إليه في الآخرة ، (ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ) : أي ازدجار رادع لهم عن ما هم فيه ،