أو موضع ازدجار وارتداع ، أي ذلك موضع ازدجار ، أو مظنة له. وقرىء مزجر ، بإبدال تاء الافتعال زايا وإدغام الزاي فيها. وقرأ زيد بن علي : مزجر اسم فاعل من أزجر ، أي صار ذا زجر ، كأعشب : أي صار ذا عشب. وقرأ الجمهور : (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ) برفعهما ، وجوزوا أن تكون حكمة بدلا من مزدجر أو من ما ، أو خبر مبتدأ محذوف ، وتقدم قول من جعله خبرا عن كل في قراءة من قرأ مستقر بالجر. وقرأ اليماني : حكمة بالغة بالنصب فيهما حالا من ما ، سواء كانت ما موصولة أم موصوفة تخصصت بالصفة ، ووصفت الحكمة ببالغة لأنها تبلغ غيرها. (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) مع هؤلاء الكفرة.
ثم سلى رسوله صلىاللهعليهوسلم فقال : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) أي أعرض عنهم ، فإن الإنذار لا يجدي فيهم. ثم ذكر شيئا من أحوال الآخرة وما يؤولون إليه ، إذ ذاك متعلق باقتراب الساعة ، فقال : (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ) ، والناصب ليوم اذكر مضمرة ، قاله الرماني ، أو يخرجون. وقال الحسن : المعنى : فتول عنهم إلى يوم ، وهذا ضعيف من جهة اللفظ ومن جهة المعنى. أما من جهة اللفظ فحذف إلى ، وأما من جهة المعنى فإن توليه عنهم ليس مغيا بيوم يدع الداع. وجوزوا أن يكون منصوبا بقوله : (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) ، ويكون (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) اعتراضا ، وأن يكون منصوبا بقوله : (يَقُولُ الْكافِرُونَ) ، ومنصوبا على إضمار انتظر ، ومنصوبا بقوله : (فَتَوَلَ) ، وهذا ضعيف جدّا ، ومنصوبا بمستقر ، وهو بعيد أيضا. وحذفت الواو من يدع في الرسم اتباعا للنطق ، والياء من الداع تخفيفا أجريت أل مجرى ما عاقبها ، وهو التنوين. فكما تحذف معه حذفت معها ، والداع هو إسرافيل ، أو جبرائيل ، أو ملك غيرهما موكل بذلك ، أقوال. وقرأ الجمهور : (نُكُرٍ) بضم الكاف ، وهو صفة على فعل ، وهو قليل في الصفات ، ومنه رجل شلل : أي خفيف في الحاجة ، وناقة أجد ، ومشية سجح ، وروضة أنف. وقرأ الحسن وابن كثير : وشبل بإسكان الكاف ، كما قالوا : شغل وشغل ، وعسر وعسر. وقرأ مجاهد وأبو قلابة والجحدري وزيد بن علي : نكر فعلا ماضيا مبنيا للمفعول ، أي جهل فنكر. وقال الخليل : النكر نعت للأمر الشديد ، والوجل الداهية ، أي تنكره النفوس لأنها لم تعهد مثله ، وهو يوم القيامة. قال مالك بن عوف النضري :
أقدم محاج أنه يوم نكر |
|
مثلي على مثلك يحمي ويكر |
وقرأ قتادة وأبو جعفر وشيبة والأعرج والجمهور : خشعا جمع تكسير ؛ وابن عباس وابن جبير ومجاهد والجحدري وأبو عمرو وحمزة والكسائي : خاشعا بالإفراد. وقرأ أبيّ