تُوعَدُونَ لَواقِعٌ). ولما كان المقسم به موصوفات قد حذفت وأقيمت صفاتها مقامها ، وقع الخلاف في تعيين تلك الموصوفات. فقال ابن مسعود وأبو هريرة وأبو صالح ومقاتل والفرّاء : (وَالْمُرْسَلاتِ) : الملائكة ، أرسلت بالعرف ضد النكر وهو الوحي ، فبالتعاقب على العباد طرفي النهار. وقال ابن عباس وجماعة : الأنبياء ، ومعنى عرفا : إفضالا من الله تعالى على عباده ، ومنه قول الشاعر :
لا يذهب العرف بين الله والناس
وانتصابه على أنه مفعول له ، أي أرسلن للإحسان والمعروف ، أو متتابعة تشبيها بعرف الفرس في تتابع شعره وأعراف الخيل وتقول العرب : الناس إلى فلان عرف واحد إذا توجهوا إليه متتابعين ، وهم عليه كعرف الضبع إذا تألبوا عليه ، وانتصابه على الحال. وقال ابن مسعود أيضا وابن عباس أيضا ومجاهد وقتادة : الرّياح. وقال الحسن : السحاب. وقرأ الجمهور : (عُرْفاً) بسكون الراء ، وعيسى : بضمها.
(فَالْعاصِفاتِ) ، قال ابن مسعود : الشديدات الهبوب. وقيل : الملائكة تعصف بأرواح الكفار ، أي تزعجها بشدّة ، أو تعصف في مضيها كما تعصف الرّياح تحققا في امتثال أمره. وقيل : هي الآيات المهلكة ، كالزلازل والصواعق والخسوف. (وَالنَّاشِراتِ) ، قال السدّي وأبو صالح ومقاتل : الملائكة تنشر صحف العباد بالأعمال. وقال الربيع : الملائكة تنشر الناس من قبورهم. وقال ابن مسعود والحسن ومجاهد وقتادة : الرّياح تنشر رحمة الله ومطره. وقال أبو صالح : الأمطار تحيي الأرض بالنبات. وقال الضحاك : الصحف تنشر على الله تعالى بأعمال العباد ، فعلى هذا تكون الناشرات على معنى النسب ، أي ذات النشر. (فَالْفارِقاتِ) ، قال ابن عباس وابن مسعود وأبو صالح ومجاهد والضحاك : الملائكة تفرق بين الحق والباطل ، والحلال والحرام. وقال قتادة والحسن وابن كيسان : آيات القرآن فرقت بين الحلال والحرام. وقال مجاهد أيضا : الرّياح تفرق بين السحاب فتبدّده. وقيل : الرسل ، حكاه الزجاج. وقيل : السحاب الماطر تشبيها بالناقة الفاروق ، وهي الحامل التي تجزع حين تضع. وقيل : العقول تفرق بين الحق والباطل ، والصحيح والفاسد. (فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً) ، قال ابن عباس وقتادة والجمهور : الملائكة تلقي ما حملت من الوحي إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وقال قطرب : الرسل تلقي ما أنزل عليها إلى الأمم. وقال الرّبيع : آيات القرآن ألقيت على النبي صلىاللهعليهوسلم.