لا يراد به العمل ، إنما يراد به الحقيقة لقوله : أألقى عليه الذكر. والإعذار هي بقيام الحجة على الخلق ، والإنذار هو بالعذاب والنقمة. (إِنَّما تُوعَدُونَ) : أي من الجزاء بالثواب والعقاب ، (لَواقِعٌ) : وما موصولة ، وإن كانت قد كتبت موصولة بأن. وهذه الجملة هي المقسم عليها. وقرأ الجمهور : (أَوْ نُذْراً) بواو التفصيل ؛ وإبراهيم التيمي : ونذرا بواو العطف.
(فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) : أي أذهب نورها فاستوت مع جرم السماء ، أو عبر عن إلحاق ذواتها بالطمس ، وهو انتثارها وانكدارها ، أو أذهب نورها ثم انتثرت ممحوقة النور. (وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ) : أي صار فيها فروج بانفطار. وقرأ عمرو بن ميمون : طمست ، فرجت ، بشد الميم والراء ؛ والجمهور : بخفهما. (وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ) : أي فرقتها الرياح ، وذلك بعد التسيير وقبل كونها هباء. وقرأ الجمهور : (أُقِّتَتْ) بالهمز وشد القاف ؛ وبتخفيف القاف والهمز النخعي والحسن وعيسى وخالد. وقرأ أبو الأشهب وعمرو بن عبيد وعيسى أيضا وأبو عمرو : بالواو وشد القاف. قال عيسى : وهي لغة سفلى مضر. وعبد الله والحسن وأبو جعفر : بواو واحدة وخف القاف ؛ والحسن أيضا : ووقتت بواوين على وزن فوعلت ، والمعنى : جعل لها وقت منتظر فحان وجاء ، أو بلغت ميقاتها الذي كانت تنتظره وهو يوم القيامة ، والواو في هذا كله أصل والهمزة بدل. قال الزمخشري : ومعنى توقيت الرسل : تبيين وقتها الذي يحضرون فيه للشهادة على أممهم ، وجواب إذا محذوف لدلالة ما قبله عليه وتقديره : إذا كان كذا وكذا وقع ما توعدون. (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ) : تعظيم لذلك اليوم ، وتعجيب لما يقع فيه من الهول والشدة. والتأجيل من الأجل ، أي ليوم عظيم أخرت ، (لِيَوْمِ الْفَصْلِ) : أي بين الخلائق. (وَيْلٌ) : تقدم الكلام فيه في أول ثاني حزب من سورة البقرة ، يومئذ : يوم إذ طمست النجوم وكان ما بعدها. وقرأ الجمهور : (نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ) بضم النون ، وقتادة : بفتحها. قال الزمخشري : من هلكه بمعنى أهلكه. قال العجاج :
ومهمه هالك من تعرجا
انتهى.
وخرج بعضهم هالك من تعرجا على أن هالكا هو من اللازم ، ومن موصول ، فاستدل به على أن الصفة المشبهة باسم الفاعل قد يكون معمولها موصولا. وقرأ الجمهور : (نُتْبِعُهُمُ) بضم العين على الاستئناف ، وهو وعد لأهل مكة. ويقوي الاستئناف قراءة