بكسر الحاء وشد السين ، وهو مصدر مثل كذاب أقيم مقام الصفة ، أي إعطاء محسبا ، أي كافيا. وقرأ ابن عباس وسراح : حسنا بالنون من الحسن ، وحكى عنه المهدوي حسبا بفتح الحاء وسكون السين والباء ، نحو قولك : حسبك كذا ، أي كافيك.
وقرأ عبد الله وابن أبي إسحاق والأعمش وابن محيصن وابن عامر وعاصم : رب والرحمن بالجر ؛ والأعرج وأبو جعفر وشيبة وأبو عمرو والحرميان برفعهما ؛ والإخوان : رب بالجر ، والرحمن بالرفع ، وهي قراءة الحسن وابن وثاب والأعمش وابن محيصن بخلاف عنهما في الجر على البدل من ربك ، والرحمن صفة أو بدل من رب أو عطف بيان ، وهل يكون بدلا من ربك فيه نظر ، لأن البدل الظاهر أنه لا يتكرر فيكون كالصفات ، والرفع على إضمار هو رب ، أو على الابتداء ، وخبره (لا يَمْلِكُونَ) ، والضمير في (لا يَمْلِكُونَ) عائد على المشركين ، قاله عطاء عن ابن عباس ، أي لا يخاطب المشركون الله. أما المؤمنون فيشفعون ويقبل الله ذلك منهم. وقيل : عائد على المؤمنين ، أي لا يملكون أن يخاطبوه في أمر من الأمور لعلمهم أن ما يفعله عدل منه. وقيل : عائد على أهل السموات والأرض. والضمير في منه عائد عليه تعالى ، والمعنى أنهم لا يملكون من الله أن يخاطبوه في شيء من الثواب. والعقاب خطاب واحد يتصرفون فيه تصرف الملاك ، فيزيدون فيه أو ينقصون منه. والعامل في (يَوْمَ) إما (لا يَمْلِكُونَ). وإما (لا يَتَكَلَّمُونَ). وقد تقدم الخلاف في (الرُّوحُ) ، أهو جبريل أم ملك أكبر الملائكة خلقة؟ أو خلق على صورة بني آدم ، أو خلق حفظة على الملائكة ، أو أرواح بني آدم ، أو القرآن وقيامه ، مجاز يعني به ظهور آثاره الكائنة عن تصديقه أو تكذيبه. والظاهر عود الضمير في (لا يَتَكَلَّمُونَ) على (الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ). وقال ابن عباس : عائد على الناس ، فلا يتكلم أحد إلا بإذن منه تعالى. ونطق بالصواب. وقال عكرمة : الصواب : لا إله إلا الله ، أي قالها في الدنيا. وقال الزمخشري : هما شريطتان : أن يكون المتكلم منهم مأذونا لهم في الكلام ، وأن يتكلم بالصواب فلا يشفع لغير مرتضى لقوله تعالى : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) (١). انتهى.
(ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُ) : أي كيانه ووجوده ، (فَمَنْ شاءَ) : وعيد وتهديد ، والخطاب في (أَنْذَرْناكُمْ) لمن حضر النبي صلىاللهعليهوسلم ، واندرج فيه من يأتي بعدهم ، (عَذاباً) : هو عذاب الآخرة لتحقق وقوعه ، وكل آت قريب. (يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ) : عام في المؤمن والكافر. (ما قَدَّمَتْ يَداهُ) من خير أو شر لقيام الحجة له وعليه. وقال الزمخشري ، وقاله قبله عطاء :
__________________
(١) سورة الأنبياء : ٢١ / ٢٨.