يتكلمون بما هو إفراط في الكذب ، فعل من يغالب في أمر فيبلغ فيه أقصى جهده. انتهى. والأظهر الإعراب الأول وما سواه تكلف ، وفي كتاب ابن عطية وكتاب اللوامح. وقرأ عبد الله بن عمر بن عبد العزيز : وفي كتاب ابن خالويه عمر بن عبد العزيز والماجشون ، ثم اتفقوا كذابا بضم الكاف وشد الذال ، فخرج على أنه جمع كاذب وانتصب على الحال المؤكدة ، وعلى أنه مفرد صفة لمصدر ، أي تكذيبا كذابا مفرطا في التكذيب. وقرأ الجمهور : (وَكُلَّ شَيْءٍ) بالنصب : وأبو السمال : بالرفع ، وانتصب (كِتاباً) على أنه مصدر من معنى (أَحْصَيْناهُ) أي إحصاء ، أو يكون (أَحْصَيْناهُ) في معنى كتبناه. والتجوز إما في المصدر وإما في الفعل وذلك لالتقائهما في معنى الضبط ، أو على أنه مصدر في موضع الحال ، أو مكتوبا في اللوح وفي مصحف الحفظة. (وَكُلَّ شَيْءٍ) عام مخصوص ، أي كل شيء مما يقع عليه الثواب والعقاب ، وهي جملة اعتراض معترضة ، وفذوقوا مسبب عن كفرهم بالحساب ، فتكذيبهم بالآيات. وقال عبد الله بن عمر : وما نزلت في أهل النار آية أشد من هذه ، ورواه أبو بردة عن النبي صلىاللهعليهوسلم.
ولما ذكر شيئا من حال أهل النار ، ذكر ما لأهل الجنة فقال : (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً) : أي موضع فوز وظفر ، حيث زحزحوا عن النار وأدخلوا الجنة. و (حَدائِقَ) بدل من (مَفازاً) وفوزا ، فيكون أبدل الجرم من المعنى على حذف ، أي فوز حدائق ، أي بها. (دِهاقاً) ، قال الجمهور : مترعة. وقال مجاهد وابن جبير : متتابعة. وقرأ الجمهور : (وَلا كِذَّاباً) بالتشديد ، أي لا يكذب بعضهم بعضا. وقرأ الكسائي بالتخفيف ، كاللفظ الأول في قوله تعالى : (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً) ، مصدر كذب ومصدر كاذب. قال الزمخشري : (جَزاءً) : مصدر مؤكد منصوب بمعنى قوله : (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً) ، كأنه قال : جازى المتقين بمفاز وعطاء نصب بجزاء نصب المفعول به ، أي جزاءهم عطاء. انتهى. وهذا لا يجوز لأنه جعله مصدرا مؤكدا لمضمون الجملة التي هي (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً) ، والمصدر المؤكد لا يعمل ، لأنه ليس ينحل بحرف مصدري والفعل ، ولا نعلم في ذلك خلافا. وقرأ الجمهور : (حِساباً) ، وهو صفة لعطاء ، أي كافيا من قولهم : أحسبني الشيء : أي كفاني. وقال مجاهد : معنى حسابا هنا بتقسيط على الأعمال ، أو دخول الجنة برحمة الله والدرجات فيها على قدر الأعمال ، فالحساب هنا بموازنة الأعمال. وقرأ ابن قطيب : حسابا ، بفتح الحاء وشد السين. قال ابن جني : بنى فعالا من أفعل ، كدراك من أدرك. انتهى ، فمعناه محسبا ، أي كافيا. وقرأ شريح بن يزيد الحمصي وأبو البرهسم :