يسقون من ورد البريض عليهم |
|
بردا يصفق بالرحيق السلسل |
ومنه قول الآخر :
أماني من سعدى حسان كأنما |
|
سقتك بها سعدى على ظمأ بردا |
والذوق على هذا حقيقة ، والنحويون ينشدون على هذا بيت حسان. بردى ، بفتح الراء والدال بعدها ألف التأنيث : وهو نهر في دمشق. وتقدم شرح الحميم والغساق ، وخلف القرّاء في شدة الشين وخفتها. (وِفاقاً) : أي لأعمالهم وكفرهم ، وصف الجزاء بالمصدر لوافق ، أو على حذف مضاف ، أي ذا وفاق. وقال الفراء : هو جمع وفق. وقرأ الجمهور : بخف الفاء ؛ وأبو حيوة وأبو بحرية وابن أبي عبلة : بشدها من وفقه كذا. (لا يَرْجُونَ) : لا يخافون أو لا يؤمنون ، والرجاء والأمل مفترقان ، والمعنى هنا : لا يصدقون بالحساب ، فهم لا يؤمنون ولا يخافون. وقرأ الجمهور : (كِذَّاباً) بشد الذال مصدر كذب ، وهي لغة لبعض العرب يمانية. يقولون في مصدر فعل فعالا ، وغيرهم يجعل مصدره على تفعيل ، نحو تكذيب. ومن تلك اللغة قول الشاعر :
لقد طال ما ثبطتني عن صحابتي |
|
وعن حاجة قضاؤها من شفائيا |
ومن كلام أحدهم وهو يستفتي : الحلق أحب إليك أم القصار ، يريد التقصير ، يعني في الحج. وقال الزمخشري : وفعال في باب فعل كله فاش في كلام فصحاء من العرب لا يقولون غيره ، وسمعني بعضهم أفسر آية فقال : لقد فسرتها فسارا ما سمع بمثله. وقرأ علي وعوف الأعرابي وأبو رجاء والأعمش وعيسى بخلاف عنه بخف الذال. قال صاحب اللوامح علي ، وعيسى البصرة ، وعوف الأعرابي : كذابا ، كلاهما بالتخفيف ، وذلك لغة اليمن بأن يجعلوا مصدر كذب مخففا ، كذابا بالتخفيف مثل كتب كتابا ، فصار المصدر هنا من معنى الفعل دون لفظه ، مثل أعطيته عطاء. انتهى. وقال الأعشى :
فصدقتها وكذبتها |
|
والمرء ينفعه كذابه |
وقال الزمخشري : هو مثل قوله : (أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) (١) يعني : وكذبوا بآياتنا فكذبوا كذابا ، أو تنصبه بكذبوا لا يتضمن معنى كذبوا ، لأن كل مكذب بالحق كاذب ؛ وإن جعلته بمعنى المكاذبة فمعناه : وكذبوا بآياتنا فكاذبوا مكاذبة ، أو كذبوا بها مكاذبين لأنهم إذا كانوا عند المسلمين كاذبين وكان المسلمون عندهم كاذبين فبينهم مكاذبة ، أو لأنهم
__________________
(١) سورة نوح : ٧١ / ١٧.