تعالى. وقال وهب بن منبه : جبل بالشام يمده الله تعالى يوم القيامة لحشر الناس. وقال أبو العالية وسفيان : أرض قريبة من بيت المقدس. وقال ابن عباس : أرض مكة. وقال قتادة : جهنم ، لأنه لا نوم لمن فيها. رأى أن الضمائر قبلها إنما هي للكفار ففسرها بجهنم. وقيل : الأرض السابعة يأتي بها الله يحاسب عليها الخلائق.
ولما أنكروا البعث وتمردوا ، شق ذلك على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقص تعالى عليه قصة موسى عليهالسلام ، وتمرد فرعون على الله عزوجل حتى ادعى الربوبية ، وما آل إليه حال موسى من النجاة ، وحال فرعون من الهلاك ، فكان ذلك مسلاة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وتبشيرا بهلاك من يكذبه ، ونجاته هو من أذاهم. فقال تعالى : (هَلْ أَتاكَ) ، توفيقا له على جمع النفس لما يلقيه إليه ، وتقدم الكلام في الوادي المقدس ، والخلاف في القراءات في (طُوىً). (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ) : تفسير للنداء ، أو على إضمار القول ، (فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) : لطف في الاستدعاء لأن كل عاقل يجيب مثل هذا السؤال بنعم ، وتزكى : تتحلى بالفضائل وتتطهر من الرذائل ، والزكاة هنا يندرج فيها الإسلام وتوحيد الله تعالى. وقرأ الحرميان وأبو عمرو : بخلاف تزكى وتصدى ، بشد الزاي والصاد ؛ وباقي السبعة : بخفها. وتقول العرب : هل لك في كذا ، أو هل لك إلى كذا؟ فيحذفون القيد الذي تتعلق به إلى ، أي هل لك رغبة أو حاجة إلى كذا؟ أو سبيل إلى كذا؟ قال الشاعر :
فهل لكم فيها إليّ فإنني |
|
بصير بما أعيا النطاسي خديما |
(وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى) : هذا تفسير للتزكية ، وهي الهداية إلى توحيد الله تعالى ومعرفته ، (فَتَخْشى) : أي تخافه ، لأن الخشية لا تكون إلا بالمعرفة ، (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) (١). وذكر الخشية لأنها ملاك الأمر ، وفي الكلام حذف ، أي فذهب وقال له ما أمره به ربه ، وأتبع ذلك بالمعجزة الدالة على صدقه. (فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى) : وهي العصا واليد ، جعلهما واحدة ، لأن اليد كأنها من جملة العصا لكونها تابعة لها ، أو العصا وحدها لأنها كانت المقدمة والأصل ، واليد تبع لها ، لأنه كان يتقيها بيده. وقيل له (أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ) (٢). (فَكَذَّبَ) : أي فرعون موسى عليهالسلام وما أتى به من المعجز ، وجعل ذلك من باب السحر ، (وَعَصى) الله تعالى بعد ما علم صحة ما أتى به موسى ، وإنما أوهم أنه سحر. (ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى) ، قيل : أدبر حقيقة ، أي قام من مكانه فارا
__________________
(١) سورة فاطر : ٣٥ / ٢٨.
(٢) سورة النمل : ٢٧ / ١٢.