ولما ذكر واليوم الموعود ، وهو يوم القيامة باتفاق ، وروي ذلك عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، ناسب أن يكون المقسم به من يشهد في ذلك اليوم ومن يشهد عليه. إن كان ذلك من الشهادة ، وإن كان من الحضور ، فالشاهد : الخلائق الحاضرون للحساب ، والمشهود : اليوم ، كما قال تعالى : (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ) (١) ، كان موعودا به فصار مشهودا ، وقد اختلفت أقوال المفسرين في تعيينهما.
وعن ابن عباس : الشاهد : الله تعالى ؛ وعنه وعن الحسن بن علي وعكرمة : الرسول صلىاللهعليهوسلم ؛ وعن مجاهد وعكرمة وعطاء بن يسار : آدم عليهالسلام وذريته ؛ وعن ابن عباس أيضا والحسن : الشاهد يوم عرفة ويوم الجمعة ، وفي كل قوم منها المشهود يوم القيامة ؛ وعن علي وابن عباس وأبي هريرة والحسن وابن المسيب وقتادة : وشاهد يوم الجمعة ؛ وعن ابن المسيب : يوم التروية ؛ وعن علي أيضا : يوم القيامة ؛ وعن النخعي : يوم الأضحى. ومشهود في هذه الأقوال يوم عرفة ؛ وعن ابن عمر : يوم الجمعة ، ومشهود يوم النحر ؛ وعن جابر : يوم الجمعة ، ومشهود الناس ؛ وعن محمد بن كعب : ابن آدم ، ومشهود الله تعالى ؛ وعن ابن جبير : عكس هذا ؛ وعن أبي مالك : عيسى ، ومشهود أمته ، وعن علي : يوم عرفة ، ومشهود يوم النحر ؛ وعن الترمذي : الحكيم الحفظة ، ومشهود عليهم : الناس ؛ وعن عبد العزيز بن يحيى : محمد صلىاللهعليهوسلم ، ومشهود عليه أمته ؛ وعنه : الأنبياء ، ومشهود أممهم ؛ وعن ابن جبير ومقاتل الجوارح يوم القيامة ، ومشهود أصحابها. وقيل : هما يوم الاثنين ويوم الجمعة. وقيل : الملائكة المتعاقبون وقرآن الفجر. وقيل : النجم والليل والنهار. وقيل : الله والملائكة وأولو العلم ، ومشهود به الوحدانية ، و (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) (٢). وقيل : مخلوقاته تعالى ، ومشهود به وحدانيته. وقيل : هما الحجر الأسود والحجيج. وقيل : الليالي والأيام وبنو آدم. وقيل : الأنبياء ومحمد صلىاللهعليهوسلم ؛ وهذه أقوال سبعة وعشرون لكل منها متمسك ، وللصوفية أقوال غير هذه. والظاهر ما قلناه أولا ، وجواب القسم قيل محذوف ، فقيل : لتبعثن ونحوه. وقال الزمخشري : يدل عليه (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ). وقيل : الجواب مذكور فقيل : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا). وقال المبرد : (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ). وقيل : قتل وهذا نختاره وحذفت اللام أي لقتل ، وحسن حذفها كما حسن في قوله : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) (٣) ، ثم قال : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) (٤) ، أي لقد
__________________
(١) سورة هود : ١١ / ١٠٣.
(٢) سورة آل عمران : ٣ / ١٩.
(٣) سورة الشمس : ٩١ / ١.
(٤) سورة الشمس : ٩١ / ٩.