ألم تر أن الله أهلك تبعا |
|
وأهلك لقمان بن عاد وعاديا |
وأهلك ذا القرنين من قبل ما نوى |
|
وفرعون جبارا طغى والنجاشيا |
وكان فرعون من المتأخرين في الهلاك ، فدل بقصته وقصة ثمود على أمثالهما من قصص الأمم المكذبين وهلاكهم. (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا) : أي من قومك ، (فِي تَكْذِيبٍ) : حسدا لك ، لم يعتبروا بما جرى لمن قبلهم حين كذبوا أنبياءهم. (وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) : أي هو قادر على أن ينزل بهم ما أنزل بفرعون وثمود ومن كان محاطا به ، فهو محصور في غاية لا يستطيع دفعا ، والمعنى : دنو هلاكهم.
ولما ذكر أنهم في تكذيب ، وأن التكذيب عمهم حتى صار كالوعاء لهم ، وكان صلىاللهعليهوسلم قد كذبوه وكذبوا ما جاء به وهو القرآن ، أخبر تعالى عن الذي جاء به وكذبوا فقال : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ) : أي بل الذي كذبوا به قرآن مجيد ، ومجادته : شرفه على سائر الكتب بإعجازه في نظمه وصحة معانيه ، وإخباره بالمغيبات وغير ذلك في محاسنه. وقرأ الجمهور : (قُرْآنٌ مَجِيدٌ) : موصوف وصفة. وقرأ ابن السميفع : (قُرْآنٌ مَجِيدٌ) بالإضافة ، قال ابن خالويه : سمعت ابن الأنباري يقول معناه : بل هو قرآن رب مجيد ، كما قال الشاعر :
ولكن الغني رب غفور
معناه : ولكن الغنى غنى رب غفور ، انتهى. وعلى هذا أخرجه الزمخشري. وقال ابن عطية : وقرأ اليماني : قرآن مجيد على الإضافة ، وأن يكون الله تعالى هو المجيد ، انتهى. ويجوز أن يكون من باب إضافة الموصوف لصفته ؛ فيكون مدلوله ومدلول التنوين ورفع مجيد واحدا ، وهذا أولى لتوافق القراءتين. وقرأ الجمهور : (فِي لَوْحٍ) بفتح اللام ، (مَحْفُوظٍ) بالخفض صفة للوح ، واللوح المحفوظ هو الذي فيه جميع الأشياء. وقرأ ابن يعمر وابن السميفع : بضم اللام. قال ابن خالويه : اللوح : الهواء. وقال الزمخشري : يعني اللوح فوق السماء السابعة الذي فيه اللوح المحفوظ من وصول الشياطين إليه ، انتهى. وقرأ الأعرج وزيد بن علي وابن محيصن ونافع بخلاف عنه : محفوظ بالرفع صفة لقرآن ، كما قال تعالى : (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (١) ، أي هو محفوظ في القلوب ، لا يلحقه خطأ ولا تبديل.
__________________
(١) سورة الحجر : ١٥ / ٩.