صَفًّا ، وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى ، يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي ، فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ ، وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ ، يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ، ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً ، فَادْخُلِي فِي عِبادِي ، وَادْخُلِي جَنَّتِي).
هذه السورة مكية في قول الجمهور. وقال عليّ بن أبي طلحة : مدنية. ولما ذكر فيما قبلها (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ) (١) ، و (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ) (٢) ، أتبعها بذكر الطوائف المتكبرين المكذبين المتجبرين الذين وجوههم خاشعة ، وأشار إلى الصنف الآخر الذين وجوههم ناعمة بقوله : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ). وأيضا لما قال : (إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ) (٣) ، قال هنا : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) ، تهديدا لمن كفر وتولى. وقرأ أبو الدينار الأعرابي : والفجر ، والوتر ، ويسر بالتنوين في الثلاثة. قال ابن خالويه : هذا كما روي عن بعض العرب أنه وقف على آخر القوافي بالتنوين ، وإن كان فعلا ، وإن كان فيه ألف ولام. قال الشاعر :
أقلّي اللوم عاذل والعتابا |
|
وقولي إن أصبت لقد أصابا |
انتهى. وهذا ذكره النحويون في القوافي المطلقة إذا لم يترنم الشاعر ، وهو أحد الوجهين اللذين للعرب إذا وقفوا على الكلم في الكلام لا في الشعر ، وهذا الأعرابي أجرى الفواصل مجرى القوافي. وقرأ الجمهور : (وَلَيالٍ عَشْرٍ) بالتنوين ؛ وابن عباس : بالإضافة ، فضبطه بعضهم. (وَلَيالٍ عَشْرٍ) بلام دون ياء ، وبعضهم وليالي عشر بالياء ، ويريد : وليالي أيام عشر. ولما حذف الموصوف المعدود ، وهو مذكر ، جاء في عدده حذف التاء من عشر. والجمهور : (وَالْوَتْرِ) بفتح الواو وسكون التاء ، وهي لغة قريش. والأغر عن ابن عباس ، وأبو رجاء وابن وثاب وقتادة وطلحة والأعمش والحسن : بخلاف عنه ؛ والأخوان : بكسر الواو ، وهي لغة تميم ، واللغتان في الفرد ، فأما في الرحل فالكسر لا غير. وحكى الأصمعي : فيه اللغتين ؛ ويونس عن أبي عمرو : بفتح الواو وكسر التاء. والجمهور : (يَسْرِ) بحذف الياء وصلا ووقفا ؛ وابن كثير : بإثباتها فيهما ؛ ونافع وابن عمرو : بخلاف عنه بياء في الوصل وبحذفها في الوقف ؛ والظاهر وقول الجمهور ، منهم علي وابن عباس وابن الزبير : أن الفجر هو المشهور ، أقسم به كما أقسم بالصبح ، ويراد به الجنس ، لا فجر يوم مخصوص. وقال ابن عباس ومجاهد ؛ من يوم النحر ؛ وعكرمة : من يوم الجمعة ؛
__________________
(١) سورة الغاشية : ٨٨ / ٢.
(٢) سورة الغاشية : ٨٨ / ٨.
(٣) سورة الغاشية : ٨٨ / ٢٣.