بِآياتِنا) هي التسع ، والتوكيد هنا كهو في قوله : (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها) (١). والظاهر أن الضمير في : (كَذَّبُوا) ، وفي : (فَأَخَذْناهُمْ) عائد على آل فرعون. وقيل : هو عائد على جميع من تقدم من الأمم ذكره ، وتم الكلام عند قوله : (النُّذُرُ). (فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ) : لا يغالب ، (مُقْتَدِرٍ) : لا يعجز شيء. (أَكُفَّارُكُمْ) : خطاب لأهل مكة ، (خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ) : الإشارة إلى قوم نوح وهود وصالح ولوط ، وإلى فرعون ، والمعنى : أهم خير في القوّة وآلات الحروب والمكانة في الدنيا ، أو أقل كفؤا وعنادا؟ فلأجل كونهم خيرا لا يعاقبون على الكفر بالله ، وقفهم على توبيخهم ، أي ليس كفاركم خيرا من أولئكم ، بل هم مثلهم أو شرّ منهم ، وقد علمتم ما لحق أولئك من الهلاك المستأصل لما كذبوا الرسل. (أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ) : أي ألكم في الكتب الإلهية براءة من عذاب الله تعالى؟ قاله الضحاك وعكرمة وابن زيد.
(أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ) أي واثقون بجماعتنا ، منتصرون بقوتنا ، تقولون ذلك على سبيل الإعجاب بأنفسكم. وقرأ الجمهور : أم يقولون ، بياء الغيبة التفاتا ، وكذا ما بعده للغائب. وقرأ أبو حيوة وموسى الأسواري وأبو البرهسم : بتاء الخطاب للكفار ، اتباعا لما تقدم من خطابهم. وقرأوا : ستهزم الجمع ، بفتح التاء وكسر الزاي وفتح العين ، خطابا للرسول صلىاللهعليهوسلم ؛ وأبو حيوة أيضا ويعقوب : بالنون مفتوحة وكسر الزاي وفتح العين والجمهور : بالياء مبنيا للمفعول ، وضم العين. وعن أبي حيوة وابن أبي عبلة أيضا : بفتح الياء مبنيا للفاعل ونصب العين : أي سيهزم الله الجمع. والجمهور : (وَيُوَلُّونَ) بياء الغيبة ؛ وأبو حيوة وداود بن أبي سالم ، عن أبي عمرو : بتاء الخطاب. والدبر هنا : اسم جنس ، وجاء في موضع آخر (لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ) (٢) ، وهو الأصل ، وحسن اسم الجنس هنا كونه فاصلة. وقال الزمخشري : (وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) : أي الأدبار ، كما قال : كلوا في بعض بطنكم تعفوا. وقرىء : الأدبار. انتهى ، وليس مثل بطنكم ، لأن مجيء الدبر مفردا ليس بحسن ، ولا يحسن لإفراد بطنكم. وفي قوله تعالى : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ) عدة من الله تعالى لرسوله صلىاللهعليهوسلم بهزيمة جمع قريش ؛ والجمهور : على أنها مكية ، وتلاها رسول الله صلىاللهعليهوسلم مستشهدا بها. وقيل : نزلت يوم بدر.
(بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ) : انتقل من تلك الأقوال إلى أمر الساعة التي عذابها أشد عليهم من كل هزيمة وقتال. (وَالسَّاعَةُ أَدْهى) : أي أفظع وأشد ، والداهية الأمر : المنكر
__________________
(١) سورة طه : ٢٠ / ٥٦.
(٢) سورة الحشر : ٥٩ / ١٢.