(خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) : أي بقدرة مع إرادة. انتهى. (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ) : أي إلا كلمة واحدة وهي : كن كلمح بالبصر ، تشبيه بأعجل ما يحس ، وفي أشياء أمر الله تعالى أوحى من ذلك ، والمعنى : أنه إذا أراد تكوين شيء لم يتأخر عن إرادته. (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ) : أي الفرق المتشايعة في مذهب ودين. (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ) : أي فعلته الأمم المكذبة ، محفوظ عليهم إلى يوم القيامة ، قاله ابن عباس والضحاك وقتادة وابن زيد. ومعنى (فِي الزُّبُرِ) : في دواوين الحفظة. (وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ) من الأعمال ، ومن كل ما هو كائن ، (مُسْتَطَرٌ) : أي مسطور في اللوح. يقال : سطرت واستطرت بمعنى. وقرأ الأعمش وعمران بن حدير وعصمة عن أبي بكر : بشد راء مستطر. قال صاحب اللوامح : يجوز أن يكون من طرّ النبات ، والشارب إذا ظهر وثبت بمعنى : كل شيء ظاهر في اللوح مثبت فيه. ويجوز أن يكون من الاستطار ، لكن شدّد الراء للوقف على لغة من يقول : جعفرّ ونفعلّ بالتشديد وقفا. انتهى ، ووزنه على التوجيه الأول استفعل ، وعلى الثاني افتعل. وقرأ الجمهور : ونهر على الإفراد ، والهاء مفتوحة ؛ والأعرج ومجاهد وحميد وأبو السمال والفياض بن غزوان : بسكونها ، والمراد به الجنس ، إن أريد به الأنهار ، أو يكون معنى ونهر : وسعة في الأرزاق والمنازل ، ومنه قول قيس بن الحطيم :
ملكت بها كفي فأنهرت فتقها |
|
يرى قائم من دونها ما وراءها |
أي : أوسعت فتقها. وقرأ زهير العرقبي والأعمش وأبو نهيك وأبو مجلز واليماني : بضم النون والهاء ، جمع نهر ، كرهن ورهن ، أو نهر كأسد وأسد ، وهو مناسب لجمع جنات. وقيل : نهر جمع نهار ، ولا ليل في الجنة ، وهو بعيد. (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) : يجوز أن يكون ضد الكذب ، أي في المقعد الذي صدقوا في الخبر به ، وأن يكون من قولك : رجل صدق : أي خير وجود وصلاح. وقرأ الجمهور : في مقعد ، على الإفراد ، يراد به اسم الجنس ؛ وعثمان البتي : في مقاعد على الجمع ؛ وعند تدل على قرب المكانة من الله تعالى ، والله تعالى أعلم.