الياء واوا فصلا بين الاسم وبين الصفة ، قالوا فيها صرنا وحدنا ، وقالوا في الاسم تقوى وشروى. وقرأ الحسن ومحمد بن كعب وحماد بن سلمة : بضم الطاء ، وهو مصدر كالرجعى ، وكان قياسها الطغيا بالياء كالسقيا ، لكنهم شذوا فيه. (إِذِ انْبَعَثَ) : أي خرج لعقر الناقة بنشاط وحرص ، والناصب لإذ (كَذَّبَتْ) ، و (أَشْقاها) : قدار بن سالف ، وقد يراد به الجماعة ، لأن أفعل التفضيل إذا أضيف إلى معرفة جاز إفراده وإن عنى به جمع. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكونوا جماعة ، والتوحيد لتسويتك في أفعل التفضيل إذا أضفته بين الواحد والجمع والمذكر والمؤنث ، وكان يجوز أن يقال : أشقوها ، انتهى. فأطلق الإضافة ، وكان ينبغي أن يقول : إلى معرفة ، لأن إضافته إلى نكرة لا يجوز فيه إذ ذاك إلا أن يكون مفردا مذكرا ، كحاله إذا كان بمن. والظاهر أن الضمير في (لَهُمْ) عائد على أقرب مذكور وهو (أَشْقاها) إذا أريد به الجماعة ، ويجوز أن يعود على (ثَمُودُ). (رَسُولُ) : هو صالح عليهالسلام. وقرأ الجمهور : (ناقَةَ اللهِ) بنصب التاء ، وهو منصوب على التحذير مما يجب إضمار عامله ، لأنه قد عطف عليه ، فصار حكمه بالعطف حكم المكرر ، كقولك : الأسد الأسد ، أي احذروا ناقة الله وسقياها فلا تفعلوا ذلك.
(فَكَذَّبُوهُ) ، الجمهور على أنهم كانوا كافرين ، وروي أنهم كانوا قد أسلموا قبل ذلك وتابعوا صالحا بمدة ، ثم كذبوا وعقروا ، وأسند العقر للجماعة لكونهم راضين به ومتمالئين عليه. وقرأ الجمهور : (فَدَمْدَمَ) بميم بعد دالين ؛ وابن الزبير : فدهدم بهاء بينهما ، أي أطبق عليهم العذاب مكررا ذلك عليهم ، (بِذَنْبِهِمْ) : فيه تخويف من عاقبة الذنوب ، (فَسَوَّاها) ، قيل : فسوى القبيلة في الهلاك ، عاد عليها بالتأنيث كما عاد في (بِطَغْواها). وقيل : سوى الدمدمة ، أي سواها بينهم ، فلم يفلت منهم صغيرا ولا كبيرا. وقرأ أبيّ والأعرج ونافع وابن عامر : فلا يخاف بالفاء ؛ وباقي السبعة ولا بالواو ؛ والضمير في يخاف الظاهر عوده إلى أقرب مذكور وهو ربهم ، أي لأدرك عليه تعالى في فعله بهم لا يسأل عما يفعل ، قاله ابن عباس والحسن ، وفيه ذم لهم وتعقبة لآثارهم. وقيل : يحتمل أن يعود على صالح ، أي لا يخاف عقبى هذه الفعلة بهم ، إذ كان قد أنذرهم وحذرهم. ومن قرأ : ولا يحتمل الضمير الوجهين. وقال السدي والضحاك ومقاتل والزجاج وأبو علي : الواو واو الحال ، والضمير في يخاف عائد على (أَشْقاها) ، أي انبعث لعقرها ، وهو لا يخاف عقبى فعله لكفره وطغيانه ، والعقبى : خاتمة الشيء وما يجيء من الأمور بعقبه ، وهذا فيه بعد لطول الفصل بين الحال وصاحبها.