ومستعجب مما يرى من أناتنا |
|
ولو زبنته الحرب لم يترمرم |
وقال عتبة بن أبي سفيان : وقد زنبتنا الحرب وزبناها.
(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ، عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ ، كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى ، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى ، إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى ، أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى ، عَبْداً إِذا صَلَّى ، أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى ، أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ، أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى ، كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ، ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ ، فَلْيَدْعُ نادِيَهُ ، سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ ، كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ).
هذه السورة مكية ، وصدرها أول ما نزل من القرآن ، وذلك في غار حراء على ما ثبت في صحيح البخاري وغيره. وقول جابر : أول ما نزل المدثر. وقول أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل : أول ما نزل الفاتحة لا يصح. وقال الزمخشري ، عن ابن عباس ومجاهد : هي أول سورة نزلت ، وأكثر المفسرين على أن الفاتحة أول ما نزل ثم سورة القلم ، انتهى. ولما ذكر فيما قبلها خلق الإنسان في أحسن تقويم ، ثم ذكر ما عرض له بعد ذلك ، ذكره هنا منبها على شيء من أطواره ، وذكر نعمته عليه ، ثم ذكر طغيانه بعد ذلك وما يؤول إليه حاله في الآخرة.
وقرأ الجمهور : (اقْرَأْ) بهمزة ساكنة ؛ والأعشى ، عن أبي بكر ، عن عاصم : بحذفها ، كأنه على قول من يبدل الهمزة بمناسب حركتها فيقول : قرأ يقرا ، كسعى يسعى. فلما أمر منه قيل : أقر بحذف الألف ، كما تقول : اسع ، والظاهر تعلق الباء باقرأ وتكون للاستعانة ، ومفعول اقرأ محذوف ، أي اقرأ ما يوحى إليك. وقيل : (بِاسْمِ رَبِّكَ) هو المفعول وهو المأمور بقراءته ، كما تقول : اقرأ الحمد لله. وقيل : المعنى اقرأ في أول كل سورة ، وقراءة بسم الله الرّحمن الرحيم. وقال الأخفش : الباء بمعنى على ، أي اقرأ على اسم الله ، كما قالوا في قوله : (وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ) (١) ، أي على اسم الله. وقيل : المعنى اقرأ القرآن مبتدئا باسم ربك. وقال الزمخشري : محل باسم ربك النصب على الحال ، أي اقرأ مفتتحا باسم ربك ، قل بسم الله ثم اقرأ ، انتهى. وهذا قاله قتادة. المعنى : اقرأ ما أنزل عليك من القرآن مفتتحا باسم ربك. وقال أبو عبيدة : الباء صلة ، والمعنى اذكر ربك. وقال أيضا : الاسم صلة ، والمعنى اقرأ بعون ربك وتوفيقه. وجاء باسم
__________________
(١) سورة هود : ١١ / ٤.