(كَلَّا) : ردع لأبي جهل ومن في طبقته عن نهي عباد الله عن عبادة الله. (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ) عن ما هو فيه ، وعيد شديد (لَنَسْفَعاً) : أي لنأخذن ، (بِالنَّاصِيَةِ) : وعبر بها عن جميع الشخص ، أي سحبا إلى النار لقوله : (فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) (١) ، واكتفى بتعريف العهد عن الإضافة ، إذ علم أنها ناصية الناهي. وقرأ الجمهور : بالنون الخفيفة ، وكتبت بالألف باعتبار الوقف ، إذ الوقف عليها بإبدالها ألفا ، وكثر ذلك حتى صارت رويا ، فكتبت ألفا كقوله :
ومهما تشأ منه فزارة تمنعا
وقال آخر :
بحسبه الجاهل ما لم يعلما
ومحبوب وهارون ، كلاهما عن أبي عمرو : بالنون الشديدة. وقيل : هو مأخوذ من سفعته النار والشمس ، إذا غيرت وجهه إلى حال شديد. وقال التبريزي : قيل : أراد لنسودن وجهه من السفعة وهي السواد ، وكفت من الوجه لأنها في مقدمة. وقرأ الجمهور : (ناصِيَةٍ ، كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) ، بجر الثلاثة على أن ناصية بدل نكرة من معرفة. قال الزمخشري : لأنها وصفت فاستقلت بفائدة ، انتهى. وليس شرطا في إبدال النكرة من المعرفة أن توصف عند البصريين خلافا لمن شرط ذلك من غيرهم ، ولا أن يكون من لفظ الأول أيضا خلافا لزاعمه. وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة وزيد بن علي : بنصب الثلاثة على الشتم ؛ والكسائي في رواية : برفعها ، أي هي ناصبة كاذبة خاطئة ، وصفها بالكذب والخطأ مجازا ، والحقيقة صاحبها ، وذلك أحرى من أن يضاف فيقال : ناصية كاذب خاطئ ، لأنها هي المحدث عنها في قوله : (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ). (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) : إشارة إلى قول أبي جهل : وما بالوادي أكبر ناديا مني ، والمراد أهل النادي. وقال جرير :
لهم مجلس صهب السبال أذلة
أي أهل مجلس ، ولذلك وصف بقوله : صهب السبال أذلة ، وهو أمر تعجبي ، أي لا يقدره الله على ذلك ، لو دعا ناديه لأخذته الملائكة عيانا. وقرأ الجمهور : (سَنَدْعُ) بالنون مبنيا للفاعل ، وكتبت بغير واو لأنها تسقط في الوصل لالتقاء الساكنين. وقرأ ابن أبي عبلة :
__________________
(١) سورة الرحمن : ٥٥ / ٤٣١.