فاهتم لذلك ، فأعطاه الله تعالى ليلة القدر ، وهي خير من مدة ملوك بني أمية ، وأعلمه أنهم يملكون هذا القدر من الزمان. قال القاسم بن الفضل الجذامي : فعددنا ذلك فإذا هي ألف شهر لا تزيد يوما ولا تنقص يوما. وخرج قريبا من معناه الترمذي وقال : حديث غريب ، انتهى. وقيل : آخر ملوكهم مروان الجعدي في آخر هذا القدر من الزمان ، ولا يعارض هذا تملك بني أمية في جزيرة الأندلس مدة غير هذه ، لأنهم كانوا في بعض أطراف الأرض وآخر عمارة العرب ، بحيث كان في إقليم العرب إذ ذاك ملوك كثيرون غيرهم. وذكر أيضا في تخصيص هذه المدة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذكر رجلا من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر ، فعجب المؤمنون من ذلك وتقاصرت أعمالهم ، فأعطوا ليلة هي خير من مدة ذلك الغازي. وقيل : إن الرجل فيما مضى ما كان يقال له عابد حتى يعبد الله تعالى ألف شهر ، فأعطوا ليلة ، إن أحيوها ، كانوا أحق بأن يسموا عابدين من أولئك العباد. وقال أبو بكر الوراق : ملك كل من سليمان وذي القرنين خمسمائة سنة ، فصار ألف شهر ، فجعل الله العمل في هذه الليلة لمن أدركها خيرا من ملكهما.
(تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ) : تقدم الخلاف في الروح ، أهو جبريل ، أم رحمة ينزل بها ، أم ملك غيره ، أم أشراف الملائكة ، أم جند من غيرهم ، أم حفظة على غيرهم من الملائكة؟ والتنزل إما إلى الأرض ، وإما إلى سماء الدنيا. (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) : متعلق بتنزل (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) : متعلق بتنزل ومن للسبب ، أي تتنزل من أجل كل أمر قضاه الله لتلك السنة إلى قابل. و (سَلامٌ) : مستأنف خبر للمبتدأ الذي هو هي ، أي هي سلام إلى أول يومها ، قاله أبو العالية ونافع المقري والفراء ، وهذا على قول من قال : إن تنزلهم التقدير : الأمور لهم. وقال أبو حاتم : من بمعنى الباء ، أي بكل أمر ؛ وابن عباس وعكرمة والكلبي : من كل امرئ ، أي من أجل كل إنسان. وقيل : يراد بكل امرئ الملائكة ، أي من كل ملك تحية على المؤمنين العاملين بالعبادة. وأنكر هذا القول أبو حاتم. (سَلامٌ هِيَ) : أي هي سلام ، جعلها سلاما لكثرة السلام فيها. قيل : لا يلقون مؤمنا ولا مؤمنة إلا سلموا عليه في تلك الليلة. وقال منصور والشعبي : سلام بمعنى التحية ، أي تسلم الملائكة على المؤمنين. ومن قال : تنزلهم ليس لتقدير الأمور في تلك السنة ، جعل الكلام تاما عند قوله : (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ). وقال : (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) متعلق بقوله : (سَلامٌ هِيَ) ، أي من كل أمر مخوف ينبغي أن يسلم منه هي سلام. وقال مجاهد : لا يصيب أحدا فيها داء. وقال صاحب اللوامح : وقيل معناه هي سلام من كل أمر ، وأمري سالمة أو مسلمة منه ، ولا يجوز أن يكون سلام