في الزمان. وقال الضحاك : الزجر الأول ووعيده للكافرين ، والثاني للمؤمنين. (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ) : أي ما بين أيديكم مما تقدمون عليه ، (عِلْمَ الْيَقِينِ) : أي كعلم ما تستيقنونه من الأمور لما ألهاكم التكاثر أو العلم اليقين ، فأضاف الموصوف إلى صفته وحذف الجواب لدلالة ما قبله عليه وهو (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ). وقيل : اليقين هنا الموت. وقال قتادة : البعث ، لأنه إذا جاء زال الشك. ثم قال : (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) : والظاهر أن هذه الرؤية هي رؤية الورود ، كما قال تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) (١) ، ولا تكون رؤية عند الدخول ، فيكون الخطاب للكفار لأنه قال بعد ذلك : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ).
(ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ) : تأكيد للجملة التي قبلها ، وزاد التوكيد بقوله : (عَيْنَ الْيَقِينِ) نفيا لتوهم المجاز في الرؤية الأولى. وعن ابن عباس : هو خطاب للمشركين ، فالرؤية دخول. وقرأ ابن عامر والكسائي : لترون بضم التاء ؛ وباقي السبعة : بالفتح ، وعليّ وابن كثير في رواية ، وعاصم في رواية : بفتحها في (لَتَرَوُنَ) ، وضمها في (لَتَرَوُنَّها) ، ومجاهد والأشهب وابن أبي عبلة : بضمهما. وروي عن الحسن وأبي عمرو بخلاف عنهما أنهما همزا الواوين ، استثقلوا الضمة على الواو فهمزوا كما همزوا في وقتت ، وكان القياس أن لا تهمز ، لأنها حركة عارضة لالتقاء الساكنين فلا يعتد بها. لكنها لما تمكنت من الكلمة بحيث لا تزول أشبهت الحركة الأصلية فهمزوا ، وقد همزوا من الحركة العارضة ما يزول في الوقف نحو استرؤا الصلاة ، فهمز هذه أولى.
(ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) : الظاهر العموم في النعيم ، وهو كل ما يتلذذ به من مطعم ومشرب ومفرش ومركب ، فالمؤمن يسأل سؤال إكرام وتشريف ، والكافر سؤال توبيخ وتقريع. وعن ابن مسعود والشعبي وسفيان ومجاهد : هو الأمن والصحة. وعن ابن عباس : البدن والحواس فيم استعملها. وعن ابن جبير : كل ما يتلذذ به. وفي الحديث : «بيت يكنك وخرقة تواريك وكسرة تشد قلبك وما سوى ذلك فهو نعيم».
__________________
(١) سورة مريم : ١٩ / ٧١.