وقريش هي التي تسكن البحر بها سميت قريش قريشا تأكل الغث والسمين ولا تترك فيها لذي جناحين ريشا
هكذا في البلاد حيّ قريش |
|
يأكلون البلاد أكلا كميشا |
ولهم آخر الزمان نبي |
|
يكثر القتل فيهم والخموشا |
وفي الكشاف : دابة تعبث بالسفن ولا تطاق إلا بالنار. فإن كان قريش من مزيد فيه فهو تصغير ترخيم ، وإن كان من ثلاثي مجرد فهو تصغير على أصل التصغير. الشتاء والصيف فصلان معروفان من فصول السنة الأربعة ، وهمزة الشتاء مبدلة من واو ، قالوا : شتا يشتو ، وقالوا : شتوة ، والشتاء مفرد وليس بجمع شتوة.
(لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ، إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ ، فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ).
هذه السورة مكية في قول الجمهور ، مدنية في قول الضحاك وابن السائب. ومناسبتها لما قبلها ظاهرة ، ولا سيما أن جعلت اللام متعلقة بنفس فجعلهم ، وهو قول الأخفش ، أو بإضمار فعلنا ذلك لإيلاف قريش ، وهو مروي عن الأخفش حتى تطمئن في بلدها. فذكر ذلك للامتنان عليهم ، إذ لو سلط عليهم أصحاب الفيل لتشتتوا في البلاد والأقاليم ، ولم تجتمع لهم كلمة. قال الزمخشري : وهذا بمنزلة التضمين في الشعر ، وهو أن يتعلق معنى البيت بالذي قبله تعلقا لا يصح إلا به ، وهما في مصحف أبي سورة واحدة بلا فصل. وعن عمر : أنه قرأهما في الثانية من صلاة المغرب ، وقرأ في الأوليين : والتين ، والمعنى أنه أهلك أهل الحبشة الذين قصدوهم ليتسامع الناس بذلك ، فيتهيبوهم زيادة تهيب ، ويحترموهم فضل احترام حتى ينتظم لهم الأمن في رحلتهم ، انتهى.
قال الحوفي : ورد هذا القول جماعة ، وقالوا : لو كان كذا لكان لإيلاف بعض سورة ألم تر ؛ وفي إجماع الجميع على الفصل بينهما ما يدل على غير ما قال ، يعني الأخفش والكسائي والفراء ، تتعلق بأعجبوا مضمرة ، أي اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف ، وتركهم عبادة رب هذا البيت ، ثم أمرهم بالعبادة بعد وأعلمهم أن الله هو الذي أطعمهم وآمنهم لا آسفهم ، أي فليعبدوا الذي أطعمهم بدعوة أبيهم حيث قال : (وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ) (١) ، وآمنهم بدعوته حيث قال : (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) (٢) ، ولا تشتغلوا
__________________
(١) سورة إبراهيم : ١٤ / ٣٧.
(٢) سورة إبراهيم : ١٤ / ٣٥.