بالأسفار التي إنما هي طلب كسب وعرض دنيا. وقال الخليل بن أحمد : تتعلق بقوله : (فَلْيَعْبُدُوا) ، والمعنى لأن فعل الله بقريش هذا ومكنهم من إلفهم هذه النعمة. (فَلْيَعْبُدُوا) : أمرهم أن يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلة. قال الزمخشري : فإن قلت : فلم دخلت الفاء؟ قلت : لما في الكلام من معنى الشرط ، لأن المعنى : إما لا فليعبدوا لإيلافهم على معنى أن نعم الله عليهم لا تحصى ، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه ، فليعبدوه لهذه النعمة الواحدة التي هي نعمة ظاهرة ، انتهى. وقرأ الجمهور : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) ، مصدر آلف رباعيا ؛ وابن عامر : لالاف على وزن فعال ، مصدر ألف ثلاثيا. يقال : ألف الرجل الأمر إلفا وإلافا ، وآلفه غيره إياه إيلافا ، وقد يأتي ألف متعديا لواحد كإلف ، قال الشاعر :
من المؤلفات الرمل أدماء حرة |
|
شعاع الضحى في متنها يتوضح |
ولم يختلف القراء السبعة في قراءة إيلافهم مصدرا للرباعي. وروي عن أبي بكر ، عن عاصم أنه قرأ بهمزتين ، فيهما الثانية ساكنة ، وهذا شاذ ، وإن كان الأصل أبدلوا الهمزة التي هي فاء الكلمة لثقل اجتماع همزتين ، ولم يبدلوا في نحو يؤلف على جهة اللزوم لزوال الاستثقال بحذف الهمزة فيه ، وهذا المروي عن عاصم هو من طريق الشمني عن الأعشى عن أبي بكر. وروى محمد بن داود النقار عن عاصم : إإيلافهم بهمزتين مكسورتين بعدهما ياء ساكنة ناشئة عن حركة الهمزة الثانية لما أشبع كسرتها ، والصحيح رجوع عاصم عن الهمزة الثانية ، وأنه قرأ كالجماعة. وقرأ أبو جعفر فيما حكى الزمخشري : لإلف قريش ؛ وقرأ فيما حكى ابن عطية الفهم. قال الشاعر :
زعمتم أن إخوتكم قريشا |
|
لهم إلف وليس لكم إلاف |
جمع بين مصدري ألف الثلاثي. وعن أبي جعفر وابن عامر : الافهم على وزن فعال. وعن أبي جعفر وابن كثير : إلفهم على وزن فعل ، وبذلك قرأ عكرمة. وعن أبي جعفر أيضا : ليلاف بياء ساكنة بعد اللام اتبع ، لما أبدل الثانية ياء حذف الأولى حذفا على غير قياس. وعن عكرمة : ليألف قريش ؛ وعنه أيضا : لتألف قريش على الأمر ، وعنه وعن هلال بن فتيان : بفتح لام الأمر ، وأجمعوا هنا على صرف قريش ، راعوا فيه معنى الحي ، ويجوز منع صرفه ملحوظا فيه معنى القبيلة للتأنيث والعلمية. قال الشاعر : وكفى قريش المعضلات وسادها جعله اسما للقبيلة سيبويه في نحو معد وقريش وثقيف ، وكينونة هذه للإحياء أكثر ،