وعاصم وحمزة : (شُرْبَ) بضم الشين ، وهو مصدر. وقيل : اسم لما يشرب ؛ ومجاهد وأبو عثمان النهدي : بكسرها ، وهو بمعنى المشروب ، اسم لا مصدر ، كالطحن والرعي ؛ والأعرج وابن المسيب وسبيب بن الحبحاب ومالك بن دينار وابن جريج وباقي السبعة : بفتحها ، وهو مصدر مقيس. والهيم ، قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة والضحاك : جمع أهيم ، وهو الجمل الذي أصابه الهيام ، وقد فسرناه في المفردات. وقيل : جمع هيماء. وقيل : جمع هائم وهائمة ، وجمع فاعل على فعل شاذ ، كباذل وبذل ، وعائد وعوذ ؛ والهائم أيضا من الهيام. ألا ترى أن الجمل أذا أصابه ذلك هام على وجهه وذهب؟ وقال ابن عباس وسفيان : لهيم : الرمال التي لا تروى من الماء ، وتقدم الخلاف في مفرده ، أهو الهيام بفتح الهاء ، أم بالضم؟ والمعنى : أنه يسلط عليهم من الجوع ما يضطرهم إلى أكل الزقوم الذي كالمهل ، فإذا ملأوا منه البطون ، سلط عليهم من العطش ما يضطرهم إلى شرب الحميم الذي يقطع أمعاهم ، فيشربونه شرب الهيم ، قاله الزمخشري.
وقال أيضا : فإن قلت : كيف صح عطف الشاربين على الشاربين ، وهما لذوات متفقة وصفتان متفقتان ، فكان عطفا للشيء على نفسه؟ قلت : ليستا بمتفقتين من حيث أن كونهم شاربين للحميم على ما هو عليه من تناهي الحرارة ، وقطع الأمعاء أمر عجيب ، وشربهم له على ذلك ، كما تشرب الهيم الماء ، أمر عجيب أيضا ؛ فكانتا صفتين مختلفتين. انتهى. والفاء تقتضي التعقيب في الشربين ، وأنهم أولا لما عطشوا شربوا من الحميم ظنا أنه يسكن عطشهم ، فازداد العطش بحرارة الحميم ، فشربوا بعده شربا لا يقع به ريّ أبدا ، وهو مثل شرب الهيم ، فهما شربان من الحميم لا شرب واحد ، اختلفت صفتاه فعطف ، والمقصود الصفة. والمشروب منه في (فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ) محذوف لفهم المعنى تقديره : فشاربون منه شرب الهيم. وقرأ الجمهور : (نُزُلُهُمْ) بضم الزاي. وقرأ ابن محيصن وخارجة ، عن نافع ونعيم ومحبوب وأبو زيد وهارون وعصمة وعباس ، كلهم عن أبي عمرو : بالسكون ، وهو أول ما يأكله الضيف ، وفيه تهكم بالكفار ، وقال الشاعر :
وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا |
|
جعلنا القنا والمرهفات له نزلا |
(يَوْمَ الدِّينِ) : أي يوم الجزاء. (نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ) بالإعادة وتقرون بها ، كما أقررتم بالنشأة الأولى ، وهي خلقهم. ثم قال : (فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ) بالإعادة وتقرون