الوعيد. ويجوز أن يكون (أَمْثالَكُمْ) جمع مثل بمعنى الصفة ، أي نحن قادرون على أن نغير صفاتكم التي أنتم عليها خلقا وخلقا ، (وَنُنْشِئَكُمْ) في صفات لا تعلمونها.
(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى) : أي علمتم أنه هو الذي أنشأكم ، أولا أنشأنا إنسانا. وقيل : نشأة آدم ، وأنه خلق من طين ، ولا ينكرها أحد من ولده. (فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ) : حض على التذكير المؤدي إلى الإيمان والإقرار بالنشأة الآخرة. وقرأ الجمهور : تذكرون بشد الذال ؛ وطلحة يخفها وضم الكاف ، قالوا : وهذه الآية دالة على استعمال القياس والحض عليه. انتهى ، ولا تدل إلا على قياس الأولى ، لا على جميع أنواع القياس. (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ) : ما تذرونه في الأرض وتبذرونه ، (أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ) : أي زرعا يتم وينبت حتى ينتفع به ، والحطام : اليابس المتفتت الذي لم يكن له حب ينتفع به. (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) ، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : تعجبون. وقال عكرمة : تلاومون. وقال الحسن : تندمون. وقال ابن زيد : تنفجعون ، وهذا كله تفسير باللازم. ومعنى تفكهون : تطرحون الفكاهة عن أنفسكم وهي المسرة ، ورجل فكه : منبسط النفس غير مكترث بشيء ، وتفكه من أخوات تخرج وتحوب. وقرأ الجمهور : (فَظَلْتُمْ) ، بفتح الظاء ولام واحدة ؛ وأبو حيوة وأبو بكر في رواية القيكي عنه : بكسرها. كما قالوا : مست بفتح الميم وكسرها ، وحكاها الثوري عن ابن مسعود ، وجاءت عن الأعمش. وقرأ عبد الله والجحدري : فظللتم على الأصل ، بكسر اللام. وقرأ الجحدري أيضا : بفتحها ، والمشهور ظللت بالكسر. وقرأ الجمهور : (تَفَكَّهُونَ) ؛ وأبو حرام : بالنون بدل الهاء. قال ابن خالويه : تفكه : تعجب ، وتفكن : تندم. (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) ، قبله محذوف : أي يقولون. وقرأ الجمهور : إنا ؛ والأعمش والجحدري وأبو بكر : أإنا بهمزتين ، (لَمُغْرَمُونَ) : أي معذبون من الغرام ، وهو أشد العذاب ، قال :
إن يعذب يكن غراما وإن |
|
يعط جزيلا فإنه لا يبالي |
أو لمحملون الغرم في النفقة ، إذ ذهب عنا غرم الرجل وأغرمته. (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) : محدودون ، لا حظ لنا في الخير. (الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ). هذا الوصف يغني عن وصفه بالعذاب. ألا ترى مقابله ، وهو الأجاج؟ ودخلت اللام في (لَجَعَلْناهُ حُطاماً) ، وسقطت في قوله : (جَعَلْناهُ أُجاجاً) ، وكلاهما فصيح. وطول الزمخشري في مسوغ ذلك ، وملخصه : أن الحرف إذا كان في مكان ، وعرف واشتهر في ذلك المكان ، جاز حذفه لشهرة أمره. فإن اللام علم لارتباط الجملة الثانية بالأولى ، فجاز حذفه استغناء