يشترط (اقتضى) الإطلاق التسليم (في موضع العقد) (١) كنظائره من المبيع المؤجل
______________________________________________________
ـ (المسلمون عند شروطهم مما وافق كتاب الله عزوجل) (٢) ، ومثله.
(١) قال الشارح في المسالك : (اختلف الأصحاب في اشتراط ذكر موضع التسليم في العقد ، مع اعترافهم بأنه لا نص فيه على الخصوص ، على أقوال : أحدها : عدمه مطلقا كما اختاره المصنف ـ أي المحقق ـ والشيخ في النهاية والعلامة في التحرير والارشاد وجماعة ، لأصالة البراءة من اشتراطه ، وإطلاق الأوامر بالوفاء بالعقود ، وحل البيع ، وللاجماع على عدم اشتراطه في باقي أنواع البيع ، وإن كان مؤجلا ، بل ادعى ابن إدريس الاجماع عليه هنا ، وهو دعوى في محل النزاع.
ثانيها : اشتراطه مطلقا ، اختاره الشيخ في الخلاف وتبعه عليه جماعة ، واستقربه الشهيد رحمهالله ، ووجّهه أن مكان التسليم مما يختلف فيه الأغراض ـ إلى أن قال ـ فإنه قد يكون بعيدا عن المشتري فلا يرغب في تكثير الثمن ولا في الشراء على بعض الوجوه ، وقد يكون قريبا فينعكس الحكم ، وكذا القول في البائع ، ولأن المطالبة بالمبيع فرع ثبوته في الذمة واستحقاق المطالبة به ، وذلك في السلم المؤجل غير معلوم ، لأنه إنما يكون عند الحلول ، ولا يعلم في أيّ مكان تحقق الحلول على البائع ، وبهذا يفرق بينه وبين القرض ، حيث انصرف إلى مكان العقد ، وكذا البيع ، ولا يلزم مثله في بيع النسيئة لخروجه بالاجماع على عدم اشتراط تعيين محله ، وإلا لكان الدليل قائما فيه ، فلا يلحق به المختلف فيه.
ثالثها : التفصيل ، فإن كان في حمله مئونة وجب تعيين محله ، وإلا فلا ، اختاره الشيخ في المبسوط ، ووجهه يعلم مما تقدم ، فإن الأغراض إنما تختلف في محل يفتقر إلى المئونة ، أما غيره فلا.
ورابعها : أنهما إن كانا في بريّة أو بلد غربة ، قصدهما مفارقته اشترط تعيينه ، وإلا فلا وهو اختيار العلامة في القواعد والمختلف ، ووجهه أنه متى كان البلد كذلك لم يمكن التسليم في مكان العقد ، وليس أحد الأمكنة في غيره أولى من الآخر فيفضي إلى التنازع لجهالته ، بخلاف ما إذا كانا في بلد يجتمعان فيه ، فإن إطلاق العقد يقتضي التسليم في بلده.
وخامسها : إن كان بحمله مئونة أو لم يكن المحل صالحا كالقرية اشترط تعيينه وإلا فلا ، وهو خيرة العلامة في التذكرة ، ووجهه مركب من القولين السابقين عليه. ـ
__________________
(٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الخيار حديث ١.