الفقر ، كما نبه عليه تعالى بقوله : (وَمَنْ كٰانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) (١) ولا يجوز
______________________________________________________
ـ في النهاية وابن إدريس يأخذ قدر الحاجة ، وعن الشيخ في خلافه وتبيانه يأخذ أقل الأمرين ، فإن كانت كفايته أقل من أجرة المثل فله قدر الكفاية وإلا فلو كان العكس فله أجرة المثل.
والأقوى الأول ، لأن أجرة المثل عوض عمله ، وعمله محترم ما دام غير متبرّع به ، فلا يضيّع عليه.
واستدل للثاني بقوله تعالى : (وَمَنْ كٰانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) (١) ، والمعروف هو ما لا إسراف فيه ولا تقتير ، وفيه : إن أخذ أجرة المثل من غير زيادة معروف ، نعم الزيادة على ذلك غير معروف.
واستدل للثالث بأنه إذا كانت كفايته أقل من الأجرة فمع حصولها يكون غنيا ، والغني يجب عليه الاستعفاف لقوله تعالى : (وَمَنْ كٰانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ) (٢) ، فيجب عليه الاستعفاف عن الباقي ، وإذا كانت أجرة المثل أقل من كفايته فهو يستحق عوض عمله ولا يحلّ له أخذ الزائد ، ويردّه إطلاق صحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليهالسلام (سألته عمن تولى مال اليتم ، ماله أن يأكل منه؟ فقال لله عليهالسلام : ينظر إلى ما كان غيره يقوم به من الأجر لهم فليأكل بقدر ذلك) (٣) وهو شامل للأجر المساوي لكفايته والمغاير لها زيادة ونقصانا.
ثم إن الحلي والشارح في المسالك وسيد الرياض وجماعة اشترطوا الحاجة في الأخذ لظاهر قوله تعالى : (وَمَنْ كٰانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ) (٤) والأمر ظاهر في الوجوب ، وموثق سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام (من كان يلي شيئا لليتامى وهو يحتاج ليس له ما يقيمه فهو يتقاضى أموالهم ويقوم في ضيعتهم ، فليأكل بقدر ولا يسرف ، وإن كان ضيعتهم لا تشغله عما يعالج نفسه فلا يرزأنّ من أموالهم شيئا) (٥).
وعن الشيخ والإسكافي والعلامة في بعض كتبه جواز الأخذ للغني على كراهة وهو ضعيف لظهور الأمر في الآية بالوجوب.
(١) النساء آية : ٦.
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ٦.
(٢) سورة النساء ، الآية : ٦.
(٣) الوسائل الباب ـ ٧٢ ـ من أبواب ما يكتسب به حديث ٥.
(٤) سورة النساء ، الآية : ٦.
(٥) الوسائل الباب ـ ٧٢ ـ من أبواب ما يكتسب به حديث ٤.