(العاقد الكمال (١) ، فالسكران باطل عقده ولو أجاز بعده) (٢) واختصه بالذكر تنبيها
______________________________________________________
(١) الكمال يتحقق بالبلوغ والعقل ، فلا عبرة بعبارة الصبي إيجابا وقبولا ، لنفسه ولغيره سواء كان مميزا أم لا ، وكذا المجنون حال جنونه سواء كان إطباقيا أم أدواريا ، لحديث رفع القلم (١) ، وبالجملة فالمعتبر هو قصد المكلف إلى العقد ، وقصد غيره منزل منزلة العدم ولذا قيل إن الشارع قد جعل الصبي والمجنون مسلوبي العبارة.
(٢) أي لو أجاز العقد بعد السكر ، هذا وقد عرفت أن شرط صحة العقد القصد إليه ، والسكران الذي بلغ به السكر حدا أزال عقله وارتفع قصده فنكاحه باطل كغيره من عقوده ، سواء في ذلك الذكر والأنثى ، على ما تقتضيه القواعد المتقدمة ، ومتى كان عقده باطلا لعدم القصد من رأس فلا تنفعه الإجازة بعد الإقامة ، لأن الإجازة لا تصحح ما وقع باطلا من أصله ، نعم لو وقع العقد صحيحا غير أنه غير مستجمع لتمام شرائط الصحة كعقد الفضولي كانت الإجازة نافعة ومحققة للشرط المتخلف ، ومع تحققه يؤثر العقد أثره حينئذ.
إذا تقرر ذلك فاعلم أنه قد ورد في صحيح إسماعيل بن بزيع (سألت أبا الحسن عليهالسلام عن امرأة ابتليت بشرب النبيذ ، فسكرت فزوجت نفسها رجلا في سكرها ، ثم أفاقت فأنكرت ذلك ، ثم ظنت أنه يلزمها ففزعت منه ، فأقامت مع الرجل على ذلك التزويج ، أحلال هو لها أم التزويج فاسد لمكان السكر ، ولا سبيل للزوج عليها؟ فقال عليهالسلام : إذا أقامت بعد ما أفاقت فهو رضا منها ، قلت : ويجوز ذلك التزويج عليها؟ فقال عليهالسلام : نعم) (٢) ، وظاهره صحة عقد السكران إن تعقبته الإجازة حال الإفاقة ، وقد عمل بها الشيخ في النهاية وتبعه ابن البراج ، وحكي عن الصدوق في الفقيه والمقنع ، هذا والمشهور أعرضوا عنه لمخالفته لما تقدم من القواعد ، وقد حملها العلامة في المختلف على السكر الذي لم يبلغ حد إزالة القصد ، وأورد عليه في المسالك بأنه حينئذ يكون العقد صحيحا بلا حاجة إلى تقريرها ورضاها فيما بعد ، وحملها الفاضل الهندي في كشف اللثام على ما لو كان الزوج جاهلا بسكرها فلا يسمع في حقه قول المرأة وتجري عليهما أحكام الزوجية ظاهرا وهو حمل بعيد لا شاهد له من الخبر ، وحملها صاحب الجواهر على توكيلها في التزويج حال السكر فيكون العقد فضوليا تنفعه الإجازة بعد الإفاقة ، وفي الأخير ضعف ظاهر حيث ورد في الخبر (فزوجت نفسها) وهو ظاهر في المباشرة لا التوكيل.
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق.
(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب مقدمات العبادات حديث. ١١