وهذا (١) بخلاف النفقة ، لأنّ سبب وجوبها (٢) التمكين التام (٣) ، دون العقد ، ووجه عدم الوجوب (٤) قد علم مما سلف (٥) مع جوابه (٦).
(وليس لها بعد الدخول الامتناع في أصح القولين) (٧) ، لاستقرار المهر بالوطء (٨) وقد حصل تسليمها نفسها برضاها فانحصر حقها في المطالبة ، دون الامتناع ، ولأنّ النكاح معاوضة ومتى سلّم أحد المتعاوضين العوض الذي من قبله باختياره لم يكن له بعد ذلك (٩) حبسه ليتسلم العوض الآخر ، ولأنّ منعها قبل
______________________________________________________
(١) أي المهر.
(٢) أي النفقة.
(٣) من الوطء وسائر مقدماته.
(٤) أي عدم وجوب تسليم المهر على الزوج وهو قول الشيخ في المبسوط.
(٥) لأن الواجب التسليم من الجانبين ، فإذا تعذر من أحدهما لم يجب من الآخر.
(٦) من أن تسليم المعوض وهو التمكين ليس بواجب على الصغيرة ، فالمعوض من جانبها كالمهر المؤجل لا يمنع من وجوب تسليم العوض من الجانب الآخر ، لأن الزوج قد أقدم على العقد عليها وهو عالم بأنها صغيرة ، فقد بني العقد على كون المهر حالا ومقابله مؤجلا إلى حين البلوغ.
(٧) بحيث كان المهر حالا ولكن الزوجة قد مكّنت من الدخول بها قبل أن تقبض المهر فدخل بها ، فهل لها الامتناع بعد ذلك ما لم تقبض المهر ، فالمشهور على العدم ، وقد صرح به جماعة من القدماء ، لأن المهر قد استقر بالوطء ، وقد حصل تسليمها نفسها برضاها ، ومتى سلّم أحد المتعاوضين العوض من جانبه باختياره لم يكن له بعد ذلك حبسه.
وعن الشيخ في النهاية والمبسوط والمفيد والقاضي أنه يجوز لها الامتناع ، لعدم التقابض ، لأن منفعة البضع تتجدد فالواقع في مقابلة المهر ليس هو الوطء مرة واحدة بل مجموع حق البضع ، وبالوطء مرة لم يحصل الإقباض لتمام منفعة البضع فجاز الامتناع.
وفرّق ابن حمزة بين تسليمها نفسها اختيارا أو إكراها ، فحكم بسقوط حقها من الامتناع في الأول كما عليه المشهور ، دون الثاني ، وهذه هي المسألة السابعة من مسائل الامتناع قبل الدخول أو بعده قبل قبض المهر.
(٨) أي وطء الأول.
(٩) أي لم يكن لأحد المتعاوضين بعد التسليم.