(الحكمين من أهل الزوجين) (١) : أي أحدهما من أهله ، والآخر من أهلها كما تضمنت الآية الشريفة لينظرا في أمرهما (٢) بعد اختلاء (٣) حكمه به (٤) ، وحكمها بها ، ومعرفة ما عندهما في ذلك.
______________________________________________________
ـ وقد اختلفت كلمات القوم في أن الباعث للحكمين هل هو الحاكم كما عليه الأكثر ، لأن ظاهر الآية كون المخاطب ببعث الحكمين هو غير الزوجين ، فضمير الزوجين في الآية قد وقع للمثنى الغائب ، والمأمور بالبعث في الآية هو الخائف من شقاقهما ، فلو كان الباعث للحكمين هو الزوجان لتساوت الضمائر من حيث الحضور والغيبة ومن حيث التثنية والجمع.
وعن الصدوقين أن الباعث هو الزوجان ، وعن المحقق في النافع أن الباعث هو أهل الزوجين ، وعن ابن الجنيد أن الحاكم بأمر الزوجين أن يبعثا حكمين ، وليس على هذه الأقوال دليل بعد عدم مساعدة الآية عليها.
(١) هل يشترط كون الحكمين من أهل الزوجين ، بمعنى كون المبعوث من قبلها من أهلها ، والمبعوث من قبله من أهله كما عن العلامة في المختلف وابن إدريس ، وعليه ظاهر الآية المتقدمة ويؤيده أن الأهل اعرف بالمصلحة من الأجانب.
أو يجوز أن يكون الحكمان أجنبيين كما عن المحقق في الشرائع والنافع والشيخ في المبسوط وابن حمزة في الوسيلة والعلامة في بعض كتبه بل عليه الأكثر كما في المسالك لعدم اعتبار القرابة في الحكم ولا في التوكيل ، والغرض يحصل بالأجنبي كما يحصل بالقريب ، والآية مسوقة للارشاد إلى ما هو الأصلح فلا يدل الأمر فيها على الوجوب ، نعم لو تعذر الأهل فلا كلام في جواز الأجنبي.
(٢) أمر الزوجين.
(٣) أي بعد انفراد.
(٤) أي بعد انفراد حكم الزوج بالزوج ، وحكم الزوجة بالزوجة ، هذا وينبغي أن يخلو حكم الرجل بالرجل وحكم المرأة بالمرأة خلوة غير محرمة ليتعرف ما عند الزوجين وما فيه رغبتهما ليتمكن الحكمان من الرأي الصواب ، وينبغي للحكمين إخلاص النية في السعي وقصد الاصلاح فمن حسنت نيته فيما تحراه أصلح الله مسعاه ، وكان ذلك سببا لحصول مبتغاه ، كما نبّه عليه قوله تعالى في الآية المتقدمة (إِنْ يُرِيدٰا إِصْلٰاحاً يُوَفِّقِ اللّٰهُ بَيْنَهُمٰا) (١) ، ومفهوم الشرط أن عدم التوفيق بين الزوجين يدل على فساد قصد الحكمين أو أحدهما.
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ٣٥.