وهل بعثهما واجب ، أو مستحب وجهان (١) : أوجههما الوجوب عملا بظاهر الأمر من الآية(أو من غيرهما (٢)) لحصول الغرض (٣) به (٤) ، ولأنّ القرابة غير معتبرة في الحكم ، ولا في التوكيل ، وكونهما (٥) من الأهل في الآية للإرشاد إلى ما هو الأصلح.
وقيل : يتعين كونهما من أهلهما عملا بظاهر الآية ، ولأنّ الأهل أعرف بالمصلحة من الأجانب ، ولو تعذر الأهل فلا كلام في جواز الأجانب.
وبعثهما يكون(تحكيما) (٦) ، لا توكيلا ، لأنّ الله خاطب بالبعث الحكام ،
______________________________________________________
(١) هل بعث الحكمين واجب أو مندوب ، قولان ، ذهب جماعة إلى الأول ، لدلالة ظاهر الأمر بالبعث في الآية على الوجوب ، ولكون الظاهر من حال الشقاق وقوع الزوجين أو أحدهما في المحرّم فيجب تخليصهما منه من باب الحسبة.
وعن العلامة في التحرير الاستحباب للأصل وظهور الأمر بالبعث في الآية في الارشاد فلا يدل على الوجوب ، ولإمكان الاصلاح بدون البعث فلا يكون واجبا وإن كان راجحا نظرا إلى ظاهر الأمر في الآية.
(٢) أي من غير أهل الزوجين.
(٣) من التحكيم.
(٤) أي بالأجنبي.
(٥) أي الحكمين.
(٦) المشهور على أن بعث الحكمين إنما هو على سبيل التحكيم بحيث إذا رأى الحكمان الاصلاح فعلاه من غير استئذان الزوجين ، وما اتفقا عليه فهو لازم على الزوجين ، ويدل عليه ظاهر الكتاب حيث سماهما الله في الآية المتقدمة بالحكمين ، وقد خاطب ببعثهما الحكام ، مع أن الوكيل مأذون ليس بحكم ، ولأنه لو كان توكيلا لخاطب بالبعث الزوجين.
وعن القاضي ابن البراج أنه توكيل ، لأن البضع حق للزوج والمال حق للزوجة وهما رشيدان بالغان فلا يكون لأحد ولاية عليهما ، فلا يكون الحكمان إلا وكيلين ، ولأنه يعتبر في الحكمين الاجتهاد فلو كانا غير وكيلين وعلى سبيل التحكيم كان اللازم اعتبار الاجتهاد في الحكمين مع أنه غير معتبر بالاتفاق ، ويردّ الأول أنه لا مانع من الحكم على البالغ الرشيد إذا امتنع عن الحق ، ويرد الثاني أن الباعث للحكمين هو الحاكم الشرعي والاجتهاد معتبر فيه ، نعم الحكمان وكيلان عن الحاكم الشرعي.