.................................................................................................
______________________________________________________
ـ واستدل له بالسيرة بين المتشرعة على عدم النفقة قبل الزفاف الكاشفة عن كون التمكين شرطا ، وبما ورد أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تزوج ودخل بعد سنين ، ولم ينفق إلا بعد دخوله) (١) ، وللنبوي (اتقوا الله في النساء فإنهن عواري عندكم ، اتخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) (٢) ، فإنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أوجب لهن من الرزق والكسوة إذا كنّ عندهم ، بالإضافة إلى أن العقد يوجب المهر عوضا فلا يوجب عوضا آخر ، وأيضا النفقة مجهولة والعقد لا يوجب مالا مجهولا ، وأيضا أن الأصل براءة الذمة من وجوب النفقة خرج منه حالة التمكين ، فيبقى الباقي على الأصل من عدم وجوب النفقة ، ومنه ما قبل التمكين ، وبهذا كله يظهر أن الموجب للنفقة هو التمكين ، ولذا جعل شرطا في النفقة ، وقد نوقشت هذه الأدلة أو بعضها بأن الأدلة الدالة على وجوب الانفاق على الزوجة غير مقيّدة بالتمكين التام ، ولا ضير في كون العقد يوجب شيئين مختلفين كما في شراء الدابة والمملوك فالعقد يوجب الثمن ويوجب الانفاق ، ومع كل هذا فقد سمعت عدم وجود المخالف.
ثم على القول بكون التمكين شرطا فهل المعتبر إظهاره باللفظ بأي لفظ كان ، كأن تقول : سلمت نفسي إليك كما عن المشهور ، أو المعتبر إظهاره التمكين بالأعم من القول والفعل ، فإما أن تقول : سلمت نفسي أو أن تعرض نفسها عليه كما هو مذهب جماعة على ما قيل ، نعم هو مذهب كاشف اللثام.
او المعتبر التخلية بينه وبين نفسها من دون ممانعة منها وهذا ما اختاره الشارح هنا ، والظاهر الأخير لصدق أنها ممكنة له ، بعد عدم تعرض النصوص لمعنى التمكين ، فلا بد من حمله على المعنى العرفي ثم إن الأصحاب فرّعوا على النزاع في شرطية التمكين ومانعية النشوز أمورا.
منها : ما لو تنازع الزوجان في التمكين والنشوز ، بأن ادعى الزوج النشوز والزوجة التمكين ، فعلى القول بشرطية التمكين فقول الزوج مقدم ، إذ الأصل عدم التمكين ، وعلى القول بمانعية النشوز فقول الزوجة مقدم ، لأصالة عدم تحقق النشوز الموجبة لسقوط النفقة الواجبة بالعقد ،
ومنها : ما لو كانت الزوجة صغيرة فعلى القول بشرطية التمكين لا نفقة لها لعدم تحقق التمكين من جانبها ، ولو مكّنت منه لعدم صلاحيتها لذلك ، لأن التمكين التام في الشرع ـ
__________________
(١) سنن النسائي ج ٦ ص ١٣١.
(٢) سنن النسائي ج ٧ ص ٣٠٤.