لا لاستلزامها (١) الموادة المنهي عنها لهم ، لمنع الاستلزام (٢) ، بل (٣) لأن صحة الوصية تقتضي ترتيب أثرها ، الذي من جملته وجوب الوفاء بها ، وترتب العقاب على تبديلها ومنعها ، وصحتها تقتضي كونها مالا للحربي ، وماله فيء للمسلم في الحقيقة ولا يجب دفعه إليه ، وهو (٤) ينافي صحتها بذلك المعنى (٥) ، بخلاف الذمي.
وهذا المعنى (٦) من الطرفين (٧) يشترك فيه الرحم وغيره (٨). ويمكن أن تمنع
______________________________________________________
ـ قوله تعالى ـ (إِنَّمٰا يَنْهٰاكُمُ اللّٰهُ عَنِ الَّذِينَ قٰاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ) (١) ، والحربي من أبرز مصاديق الآية ، وأشكل الشارح على هذا الاستدلال في المسالك بقوله : (وفيه نظر لأن الحربي قد لا يكون مقاتلا بالفعل بل ممتنعا من التزام شرائط الذمة فلا يدخل في الآية) انتهى ، بل ما تقدم من الأخبار بإعطاء من أوصى له وإن كان يهوديا أو نصرانيا شامل للحربي بإطلاقه ، ولذا ذهب بعضهم إلى جواز الوصية للحربي أيضا.
(١) أي الوصية.
(٢) لأن المراد من الموادة هي الموادة للمحادّ لله من حيث هو محادّ لله ، وليس النزاع في ذلك بل النزاع في جواز الوصية للحربي بما هو ذو روح وعبد من عباد الله جلّ وعلا.
(٣) الدليل الثاني على عدم صحة الوصية للحربي ، فلو صحت الوصية لوجب ترتيب آثارها ، ومن جملتها وجوب الوفاء بها ودفع الموصى به إلى الموصى له ، ولو وجب الدفع إلى الحربي لوقع التنافي بينه وبين ما وقع عليه اتفاقهم من أن مال الحربي غير معصوم ويجوز أخذه لأن ماله فيء للمسلمين ، ولازمه عدم وجوب الدفع إليه وهو معنى بطلان الوصية ، وفيه ما قاله الشارح في المسالك : (لأن معنى صحتها ثبوت الملك له إذا قبله ، فتصير حينئذ ملكا من أملاكه ، ويلزمه حكمه ، ومن حكمه جواز أخذ المسلم له) انتهى.
(٤) أي عدم وجوب الدفع إليه.
(٥) من ترتيب آثار الوصية على تقدير الصحة ، ومن جملة الآثار وجوب الدفع إليه.
(٦) من ترتيب الآثار على الوصية على تقدير الصحة ، ومن جملة الآثار وجوب الدفع إلى الموصى له ، مع أنه لا يجب الدفع إلى الحربي لأن ماله فيء للمسلمين ، ومن إطلاق الآية والرواية الواردتين في الذمي.
(٧) من الذمي والحربي إثباتا ونفيا.
(٨) فالتفصيل بين الرحم وغيره كما تقدم ليس في محله.
__________________
(١) سورة الممتحنة ، الآيتان : ٨ ، ٩.