القيد (١) يحتاج إليه في الصيغة الثانية خاصة ، لأنها أعم مما بعد الوفاة ، أما الأولى فمقتضاها كون ذلك بعد الوفاة ، (أو لفلان بعد وفاتي كذا) ، ونحو ذلك من الألفاظ الدالة على المعنى المطلوب.
______________________________________________________
ـ لحقه الضرر من غير التزام منه ، ولأن الموصى به لو دخل في ملك الموصى له من غير قبول لكان الموصي صاحب سلطنة على الموصى له بإدخال ما يشاء في ملكه ، وهو مناف لسلطنته على نفسه.
وذهب البعض إلى أنها من الإيقاعات فلا تحتاج إلى القبول ، لأنها لو كانت عقدا لوجب التوالي بين الإيجاب والقبول مع أنه غير واجب إذ يجوز إيقاع القبول بعد الوفاة ، ولأن القبول على فرض اشتراطه في الوصية إنما يكون بعد وفاة الموصي على مبنى المشهور وهذا يتم بعد بطلان الإيجاب بموت الموصي ، فاشتراط القبول بعد بطلان الإيجاب كضم الحجر إلى جنب الإنسان.
وعلى فرض اشتراط القبول فهو شرط إذا كانت الوصية التمليكية لمعيّن كزيد ، وأما إذا كانت لغير معيّن كالفقراء فلا يشترط القبول ، لأن اعتباره من الجميع متعذر ومن البعض ترجيح بلا مرجح فيسقط اعتباره كما عن العلامة في التذكرة وجماعة ، وعن سيد الرياض اشتراط القبول مطلقا ولو كانت لغير معين ويتولاه الحاكم.
وعلى كل فالوصية التمليكية إن كانت من العقود فهي عقد جائز بلا خلاف لجواز رجوع الموصي فيما أوصى به ما دام حيا.
وأما الوصية العهدية فلا تحتاج إلى القبول على المشهور ، بل ظاهرهم الاتفاق عليه كما في الحدائق ، وفي الجواهر : (أنها بهذا المعنى ليست من العقود قطعا بل ضرورة).
ثم إن إيجابها منعقد بكل لفظ دال عليها ، سواء كان لفظا مخصوصا وهو : أوصيت ، أو مشتركا مع قيام القرينة الدالة على خصوص الوصية كأن يقول : اعطوا فلانا بعد وفاتي كذا وكذا مع أنه يستعمل في الأمر كاستعماله في الوصية ، قال الشارح في المسالك : (واعلم أن التقييد بقوله بعد وفاتي في الإيجاب إنما يفتقر إليه في اللفظ المشترك بينه وبين غيرها ، كقوله اعطوا فلانا ، المشترك بين الوصية والأمر ، وقوله : لفلان كذا ، المشترك بينها وبين الإقرار له ، فلا بدّ من مائز يخرج ما يحتمله اللفظ من غيرها ، وهو يحصل بقوله : بعد وفاتي.
وأما قوله : أوصيت له بكذا فلا يفتقر إلى القيد ، لأنه صريح في العطية ونحوها بعد الموت) انتهى.
(١) أي بعد وفاتي.