يحضرن ويلحقن من الفواطم اللواتي يقربن من رسول الله صلّى الله عليه وآله ومن علي عليه السّلام بالنسب واللحمة : فاطمة بنت النضر أم ولد قصي. فانهنّ لجلوس يتفاخرن بالذراري والأولاد إذ أقبل رسول الله صلّى الله عليه وآله وكان وجهه المرآة مصقولة والمهاة مجلوة ينثني كغصن مياد وقد تبعه بعض الكهان ينظر إليه نظرا شافيا.
فجلس رسول الله صلّى الله عليه وآله الى فاطمة أم علي بين العجائز من الفواطم وجلس الكاهن بازائه لا يمر به كاهن مثله ولا حبر ولا قايف ولا عايف إلّا همس إليه وغمزه واستوقفه ، ينظرون إليه فبعض يشير إليه بسبّابته وبعض يعضّ على شفته.
فغاب رسول الله صلّى الله عليه وآله بقيامه ودخل الى منزل عند عمّه.
فقال الكاهن للعجائز : من هذا الفتى الذي قد زها بحسنه على كلّ الفتيان والرجال والنساء؟.
قالوا : هذا المحبّب في قومه محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب ذو الفضل والعرف والسؤدد
فقال الكاهن : يا معشر قريش ايذنوا بالحرب ، بعد الهرب ، من سيف النبيّ المنتجب ، الويل منه للعرب وللأصنام والنصب.
ثم نادى : يا أهل الموسم الحافل ، والجمع الشامل ، قرب ظهور الدين الكامل ، ومبعث النبيّ الفاضل ، ثم أنشأ يقول :
اني رأيت نبيّا ما كنت أعرفه |
|
حقا تيقنه قلبي باثبات |
في الكتب أنزله لما تخيره |
|
وكنت أعرف ما في شرح توراة |
من فضل أحمد من كالبدر طلعته |
|
يزهو جمالا على كلّ البريات |
من أمّة عصمت من كلّ خائنة |
|
وصار مجتنبا رجس الخسارات |
ما زلت أرمقه من حسن بهجته |
|
كالشمس من برجها تبدي الطليعات |
فان بقيت الى يوم السباق وقد |
|
نادى قريشا لتبليغ الرسالات |
كنت المجيب له لبيك من كتب |
|
أنت المفضّل من خير البريات |
يا خير من حملت حواء أو وضعت |
|
من أوّل الدهر في رجع الكريرات |
قد كنت أرقب هذا قبل فجوته |
|
حتى تلمسته قبضا براحات |