فاضطربت الأرض وارتجّت فدخلهم من ذلك ذعر شديد فقالوا : اقلنا يا أبا الحسن أقالك الله.
ورجعوا الى رسول الله صلّى الله عليه وآله فقالوا له : اقلنا.
فقال لهم : انما رددتم على الله لا أقالكم الله عثرتكم يوم القيامة.
وروي عن أبي اسحاق السبيعي قال : دخلت مسجد الكوفة فاذا أنا بشيخ لا أعرفه ودموعه تسيل على خدّيه فقلت له : ما يبكيك يا شيخ؟.
قال : انّه قد أتت عليّ مائة سنة ونيف على المائة لم أر فيها عدلا ولا حقّا إلّا ساعة من ليلة أو الا ساعة من يوم.
فقلت : وكيف ذلك؟.
فقال : اني كنت رجلا من اليهود وكانت لي ضيعة بناحية (سورا) فدخلت الكوفة بطعام على حمير أريد بيعه بها فبينا أنا أسوق الحمير إذ افتقدتها فكأن الأرض ابتلعتها فأتيت منزل الحرث الهمداني وكان لي صديقا فشكوت إليه ما أصابني فأخذ بيدي ومضى بي الى أمير المؤمنين عليه السّلام فأخبرته الخبر فقال للحرث : انصرف يا حارث الى منزلك فاني الضامن للحمير والطعام ، وأخذ أمير المؤمنين عليه السّلام بي فمضى حتى انتهى الى الموضع الذي فقدت فيه الحمير فوجه وجهه القبلة ورفع يده الى السماء ثم سجد وسمعته يقول في سجوده : والله ما على هذا عاهدتموني وبايعتموني يا معشر الجن وأيم الله لئن لم تردوا على اليهودي حميره وطعامه لأنقضن عهدكم ولأجاهدنكم في الله حق جهاده.
قال اليهودي : فو الله ما فرغ من كلامه حتى رأيت الحمير عليها الطعام تجول حولي فتقدّم إليّ يسوقها فسقتها معه حتى انتهينا الى الرحبة فقال : يا يهودي عليك بقية من الليل فضع عن حميرك حتى تصبح.
فوضعت عنها.
ثم قال لي : ليس عليك بأس.
ودخل المسجد فلما فرغ من صلاته وبزغت الشمس خرج إليّ فعاونني على الطعام