أبي جعفر عليه السّلام سنتان وشهور ، فأدخل معه. فلما رآه يزيد قال له : كيف رأيت يا علي بن الحسين [صنع الله؟] قال : رأيت ما قضاه الله ـ عز وجل ـ قبل أن يخلق السماوات والأرض.
فشاور يزيد جلساءه في أمره. فأشاروا بقتله وقالوا له : لا تتخذ من كلب سوء جروا.
فابتدر أبو محمّد الكلام ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ليزيد (لعنه الله) : لقد أشار عليك هؤلاء بخلاف ما أشار جلساء فرعون عليه ، حيث شاورهم في موسى وهارون ، فانّهم قالوا له : أرجه وأخاه ، وقد أشار هؤلاء عليك بقتلنا ، ولهذا سبب.
فقال يزيد : وما السبب؟
فقال : ان أولئك كانوا لرشدة وهؤلاء لغير رشدة. ولا يقتل الأنبياء وأولادهم إلّا أولاد الأدعياء.
فأمسك يزيد مطرقا ثم أمر بإخراجهم ـ على ما قص وروي ـ.
فاستخفى علي بن الحسين عليه السّلام بالإمامة مع من اتّبعه من المؤمنين.
وفي السنة الثالثة من إمامته مات يزيد اللعين ، وبويع لابنه معاوية بن يزيد ، فأقام في الملك ثلاثة أشهر ومات ثم كانت فتنة ابن الزبير بالحجاز في سنة أربع وستين وكانت مدّتها تسع سنين.
وفي سنة اثني عشر من إمامة علي بن الحسين ، بويع اللعين طريد رسول الله وابن طريده ولعينه وابن لعينه الأزيرق مروان بن الحكم بن أبي العاص ، فاستخفى في أيامه المؤمنون وصعب الزمان واشتد على أهله ، وكانت الشيعة تطلب في أقطار الأرض .. تهدر دماؤهم وأموالهم.
وأظهروا لعن أمير المؤمنين عليه السّلام على منابرهم. وأقام (لعنه الله) في ملكه عشرة أشهر وأياما ثم توفي ، وبويع ابنه عبد الملك بن مروان ، فقلّد عبد الملك الحجاج بن يوسف خلافته على العراقين ثم كتب إليه : بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد فانظر في دماء بني عبد المطلب فاحقنها واحذر سفكها وتجنبها فاني رأيت آل أبي سفيان لمّا ولغوا فيها لم يلبثوا إلّا قليلا حتى اخترموا.