فقالت : بالذي أخذ ميثاقكم على النبيين أي شيء كنتم في الأظلة؟
فقال : يا حبابة ، نورا بين يدي العرش قبل أن يخلق الله آدم ، فأوحى إلينا فسبّحنا فسبّحت الملائكة بتسبيحنا ولم يكن تسبيح قبل ذلك الوقت. فلما خلق الله آدم سلك ذلك النور فيه.
وكان أبو جعفر عليه السّلام عمره سبع وخمسون سنة ، وكانت ولادته في سنة ثمان وخمسين للهجرة ، فأقام مع أبي عبد الله الحسين سنتين وشهورا ومع علي بن الحسين خمسا وثلاثين سنة ، ومنفردا بالإمامة تسع عشرة سنة وشهورا.
وكانت وفاته سنة مائة وخمس عشرة. وفي أربع سنين من إمامته توفي الوليد بن عبد الملك ، وكان ملكه تسع سنين وشهورا ، وبويع لسليمان ؛ وأمر الإمامة مكتوم والشيعة في شدّة شديدة.
وفي ست سنين وشهور من إمامة أبي جعفر عليه السّلام توفي سليمان وبويع لعمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم ، فرفع اللعن عن أمير المؤمنين عليه السّلام.
وروي عنه عليه السّلام انّه قال وهو بالمدينة : قد توفي هذه الليلة رجل تلعنه ملائكة السماء وتبكي عليه أهل الأرض.
وبويع ليزيد بن عبد الملك ، وكان شديد العداوة والعناد لأبي جعفر عليه السّلام ولأهل بيته فروي انّه بعث إليه فأحضره ليوقع به. فلما ادخل إليه حرّك بشفتيه بدعاء لم يسمع ، فقام إليه فأجلسه معه على سريره ثم قال له : تعرض عليّ حوائجك؟
قال : تردني الى بلدي.
فقال له : ارجع. وكتب الى عمّاله يمنعه الميرة في طريقه فمنع عنها بمدينة مدين وأغلق الباب دونه. فصعد الى الجبل فقرأ بأعلى صوته (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) ـ الى قوله تعالى ـ (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) وكان في المدينة شيخ من بقايا العلماء فخرج الى أهل المدينة فنادى بأعلى صوته : هذا والله شعيب يناديكم. فقالوا له : ليس هذا شعيبا. هذا محمد بن علي بن الحسين أمرنا أن نمنعه الميرة.
فقال لهم : افتحوا له الباب وإلّا فتوقّعوا العذاب.