فقلت : بكم تبيعها؟
فقال لي : بسبعين دينارا.
فأخرجت الصرّة إليه.
فقال لي النحاس : لا إله إلّا الله. رأيت ـ والله ـ البارحة في النوم رسول الله صلّى الله عليه وآله قد ابتاع مني هذه الجارية بهذه الصرّة.
فبعتها منه ، ثم تناول [الصرة] وتسلّمت الجارية. وكان في الصرّة سبعون دينارا. وصرت بها إليه. فسألها عن اسمها. فقالت : (حميدة).
فقال : حميدة في الدّنيا ، محمودة في الآخرة.
ثم سألها عن خبرها فعرّفته انّها بكر ما مسّها رجل.
فقال لها : أنّى يكون ذلك وأنت جارية كبيرة؟
فقالت : كان لي مولى اذا أراد أن يقربني أتاه رجل في صورة حسنة أراه دونه ولا يراه فيمنعه من أن يصل إليّ ويدفعه ويصدّه عني.
فقال أبو جعفر : الحمد لله.
ودفعها الى أبي عبد الله عليه السّلام وقال له : يا عبد الله ، حميدة سيّدة الاماء مهذّبة مصفاة من الأرجاس كسبيكة الذهب ، ما زالت الأملاك تحرسها لك حتى أديت إليك كرامة من الله جل جلاله وعلا.
وروي عن أبي بصير قال : حججنا مع أبي عبد الله عليه السّلام في السنة التي ولد فيها أبو إبراهيم عليه السّلام فلما نزلنا في المنزل المعروف ب (الابواء) وضع لنا الطعام ، فبينا نحن نأكل إذ أتاه رسول حميدة وقال : تقول لك مولاتي : قد أنكرت نفسي وقد أمرتني ان لا أسبقك بحادثة في هذا المولود.
فقام أبو عبد الله عليه السّلام فاحتسب هنيئة وعاد إلينا.
فقمنا إليه وقلنا : سرّك الله وجعلنا فداك ، ما صنعت حميدة؟
فقال لنا : سلّمها الله ووهب لي منها غلاما هو خير من برأه الله في زمانه ، ولقد أخبرتني حميدة بشيء ظنّت انّي لا أعرفه وكنت أعلم به منها.