وبنى الأزرق والأوزاع من آل أبي سفيان وآل مروان ـ جدّد الله عليهم العذاب بكرة وأصيلا ـ.
ثم قال للصخرة : انطبقي عليهم الى الوقت المعلوم.
ونشأ أبو الحسن علي مثل ما نشأ عليه آباؤه عليهم السّلام فلما حضرت وفاة أبي عبد الله عليه السّلام دعاه فأوصى إليه وسلّم إليه المواريث وكان قد اتصل بأبي عبد الله عليه السّلام : ان المنصور قال : ان حدث على جعفر بن محمد حادثة وأنا حي نظرت الى من يوصي فأقتله ، فأوصى عليه السّلام وصيّته الظاهرة ـ خوفا على ابنه موسى وتقيّة ـ إلى أربعة ؛ أوّلهم المنصور والثاني عبد الله الأفطح ابنه والثالث ابنته فاطمة والرابع أبو الحسن موسى عليه السّلام.
وقام أبو الحسن موسى عليه السّلام بأمر الله سرّا واتّبعه المؤمنون ، وكان قيامه بالأمر في سنة ثمان وأربعين ومائة من الهجرة وله عشرون سنة في ذلك الوقت.
واتصل بالمنصور خبر وفاة أبي عبد الله عليه السّلام وسأل عن وصيّته ، فأخبر بوصيته إليه وإلى ثلاثة معه ، وحملت إليه ، فوجد فيها اسمه مقدّما ، فأمسك ولم يعرض لأبي الحسن ... الى أن مات المنصور في سنة ثمان وخمسين ومائة في عشر سنين من امامة أبي الحسن عليه السّلام وبويع لابنه المهدي محمد بن عبد الله. فلما ملك وجه بجماعة من أصحابه فحمل أبو الحسن موسى عليه السّلام الى العراق.
فروي عن أبي خالد الزبالي قال : ورد علينا موسى عليه السّلام وقد حمله المهدي ، فخرجت فتلقيته من «زبالة» على أميال ثم شيّعته فلما ودّعته بكيت فقال : ما يبكيك يا أبا خالد؟ فقلت : يا سيدي قد حملت ولا أدري ما يكون؟
فقال : أما في هذه المرّة فلا خوف عليّ منهم وأنا أعود إليك يوم كذا من شهر كذا في ساعة كذا فترقّب موافاتي وانتظرني عند أوّل ميل.
ومضى فلقي المهدي وصرف الله كيده عنه ولم يعرض له ، وسأله عرض حوايجه ، فعرض ما رأى عرضها ، فقضاها ، وسأله الاذن فأذن له ، فخرج (صلّى الله عليه) متوجّها الى المدينة.
قال أبو خالد : ولمّا كان ذلك اليوم خرجت نحو الطريق انتظره فأقمت حتى اصفرت