فلما نظر إليّ قال : يا أبا اسحاق سمّه أحمد.
فولد لي ذكر فسمّيته أحمد. فعاش مدّة ومات.
وكان فيمن خرج مع الجماعة علي بن حسان الواسطي المعروف بالأعمش قال :
فحملت معي شيئا من آلات الصبيان مصاغة من فضة وقلت أهديها الى مولاي وأتحفه بها. فلما تفرّق الناس عنه وأجاب جميعهم عن مسائلهم ومضى الى منزله اتبعته فلقيت موفقا فقلت : استأذن لي على مولاي ففعل. ودخلت فسلّمت عليه فرد عليّ فتبينت في وجهه الكراهة ولم يأمرني بالجلوس فدنوت منه وفرغت ما كان في كمي بين يديه فنظر إليّ نظر مغضب ثم رمى به يمينا وشمالا وقال : ما لهذا خلقنا الله. فاستقلته واستعفيته فعفا وقام فدخل وخرجت ومعي تلك الآلات.
وبقي أبو جعفر عليه السّلام مستخفيا بالإمامة الى ان صارت سنه عشر سنين.
وروى أمية بن علي قال : كنت بالمدينة اختلف الى أبي جعفر عليه السّلام وأبوه بخراسان فدعاه يوما بالجارية.
فقال لها : قولي لهم يتهيّئون للمأتم فلما تفرقنا من مجلسه وكنت انا وجماعة قلنا : إنّا ما سألناه مأتم من.
فلما كان الغد أعاد القول ، فقلنا له : مأتم من؟
فقال : مأتم خير من على ظهر الأرض.
فورد الخبر بمضي الرضا عليه السّلام بعد ذلك بأيام.
ثم وجّه المأمون فحمله وأنزله بالقرب من داره وأجمع على أن يزوّجه ابنته أم الفضل. فروي عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الريان بن شبيب خال المأمون قال : لمّا أراد المأمون أن يزوّج أبا جعفر عليه السّلام ابنته اجتمع إليه خواصه الادنون من بني هاشم فقالوا له : يا أمير المؤمنين نشدناك الله أن لا تخرج من هذا البيت أمرا قد ملكناه الله وتنزع عزا قد ألبسناه وقد عرفت ما بيننا وبين آل أبي طالب ، وهذا الغلام صبي غر.
قال : فانتهرهم المأمون وقال لهم : هو والله أعلم بالله وبرسوله وبسنّته وأحكامه من جماعتكم.