ثم أولم عليه المأمون فجاء الناس على مراتبهم. فبينا نحن كذلك إذ سمعنا كلاما كان من كلام الملّاحين فاذا نحن بالخدم يجرون سفينة من فضة مملوة غالية فخضبوا بها لحا الخاصة ثم مدوها الى دار العامة فطيبوهم. فلما تفرّق الناس قال المأمون : يا أبا جعفر ان رأيت ان تبيّن لنا ما الذي يجب على كلّ صنف من هذه الأصناف الذي ذكرت من جزاء الصيد؟
فقال عليه السّلام : ان المحرم اذا قتل صيدا في الحل والصيد من ذوات الطير من كبارها فعليه شاة ، واذا أصاب في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا واذا قتل فرخا من الحل فعليه حمل قد فطم من اللبن وليس عليه قيمته ، واذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمة الفرخ ، واذا كان من الوحش فعليه في حمار وحش بقرة وفي النعامة بدنة ، فان لم يقدر فإطعام ستين مسكينا فان لم يقدر فليصم ثمانية عشر يوما ، وان كان بقرة فعليه بقرة فان لم يقدر فإطعام ثلاثين مسكينا فإن لم يقدر فليصم تسعة أيام ، وان كان ظبيا فعليه شاة فان لم يقدر فإطعام عشرة مساكين فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام ، وان كان قتله في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة حقا واجبا عليه أن ينحره ان كان في حج بمنى حيث ينحر الناس ، وان كان في عمرة ينحر بمكّة ويتصدّق بمثل ثمنه حتى يكون مضاعفا ، وان كان أصاب أرنبا فعليه شاة ويتصدّق إذا قتل الحمامة بعد الشاة بدرهم أو يشتري به طعام الحمام في الحرم وفي الفرخ نصف درهم وفي البيضة ربع درهم ، وكلّ ما أتى به المحرم بجهالة فليس فيه شيء إلّا الصيد فان فيه عليه الفداء ـ بجهالة كان أم بعلم ، بخطإ كان أم بعمد ـ وكلّ ما أتى به العبد فكفارته على صاحبه مثل ما يلزم صاحبه ، وكلّ ما أتى به الصغير الذي ليس ببالغ فلا شيء عليه فيه ، فان عاد فينتقم الله منه ، وليس عليه كفارة والنقمة في الآخرة. وان دلّ على الصيد وهو محرم فقتل ، فعليه الفداء والمصر عليه يلزمه بعد الفداء العقوبة في الآخرة ، والنادم عليه لا شيء بعد الفداء.
وإذا أصاب الصيد ليلا في وكره خطأ فلا شيء عليه إلّا أن يتعمّد ، فاذا تصيد بليل أو نهار فعليه الفداء والمحرم للحج ينحر الفداء بمنى حيث ينحر الناس ، والمحرم للعمرة ينحر بمكّة.