لي : يا أبا هاشم ان هذا الطاغية أراد أن يعبث بأمر الله عز وجل في هذه الليلة وقد بتر الله عمره وجعله للمتولي بعده وليس لي ولد وسيرزقني الله ولدا بمنّه ولطفه.
فلما أصبحنا شغبت الاتراك على المهتدي وأعانهم العامة لمّا عرفوا من قوله بالاعتزال والقدر فقتلوه ونصبوا مكانه المعتمد وبايعوا له ، وكان المهتدي قد صحح العزم على قتل أبي محمّد عليه السّلام فشغله الله بنفسه حتى قتل ومضى الى أليم عذاب الله.
وعنه عن أبي هاشم قال كنت عند أبي محمّد عليه السّلام قال : اذا قام القائم أمر بهدم المنابر التي في المساجد.
فقلت في نفسي : لأي معنى هذا؟
فقال لي : معنى هذا انّها محدثة مبتدعة لم يبنها نبي ولا حجّة.
الحميري عن الحسن بن علي عن إبراهيم بن مهزيار عن محمد بن أبي الزعفران عن أم أبي محمّد عليهما السّلام قال : قال لي يوما من الأيام : يصيبني في سنة ستين ومائتين حرارة أخاف ان أنكب منها نكبة.
قالت : فأظهرت الجزع وأخذني البكاء.
قال : لا بد من وقوع أمر الله لا تجزعي.
فلما كان في صفر سنة ستين ومائتين أخذها المقيم والمقعد وجعلت تخرج في الاحايين الى خارج المدينة تجسس الأخبار حتى ورد عليها الخبر حين حبسه المعتمد في يدي علي بن جرين وحبس أخاه جعفرا معه وكان المعتمد يسأل عليّا عن أخباره في كلّ مكان ووقت فيخبره انّه يصوم النهار ويصلّي بالليل فسأله يوما من الأيام عن خبره فأخبره بمثل ذلك فقال له أمض الساعة إليه واقرأه مني السلام وقل له انصرف الى منزلك مصاحبا.
قال علي بن جرير فجئت الى باب السجن فوجدت حمارا مسرّجا فدخلت إليه فوجدته جالسا وقد لبس خفّه وطيلسانه وشاشيته فلما رآني نهض فأديت إليه الرسالة وركب فلما استوى على الحمار وقف فقلت له : فما وقوفك يا سيدي؟ فقال لي : حتى يخرج جعفر ، فقلت : انما أمرني بإطلاقك دونه.