بذلك أهل المملكة فاستبشروا ثم أتوا إليه بعد مدّة فسألوه البعثة إليها ومسألتها هل بها حمل فوجّه إليها الملك بذلك فقالت لرسوله انّها بخير وعلى ما تحبّ. فلم تسأل أنها حملت.
فلما مضى من الأيام أكثر من مدّة أيام الحمل وهي على حالها استحضرها وسألها عن حالها فلم تخبره وقالت أنا بخير وما أزيد على هذا شيئا. فأحضر القوابل فنظرن إليها فوجدنها بكرا.
فأحضر الملك أهل مملكته وعرّفهم ذلك فأشاروا أن يفرّق بينهما وان يزوّجه امرأة ثيبا قد عرفت الرجال ، لتعامله بما يبعثه على القرب منها. ففعل الملك وأحضر المرأة وقال لها ما أرادوا ووصّاها ووجّه بها إليه.
فلما نظر إليها ابنه خاطبها بمثل ما كان خاطب به الاولى فأجابته بذلك الجواب فأنس بها وعرفها صورة أمره فأقامت معه ما شاء الله.
ثم ان الملك بعث إليها يسألها عن حالها فوجهت إليه انّها مع رجل كالمرأة لا حاجة لها فيه.
فأحضره الملك فأغلظ عليه في القول ثم حبسه في بيت وسدّ الباب في وجهه وتركه ثلاثة أيام فلما كان في اليوم الثالث فتح الباب فلم يجده في البيت فهو الخضر عليه السّلام.
ثم خرج من مدينة ذلك الملك رجلان في تجارة فركبا البحر فكسر بهما فخرجا في جزيرة من جزائر البحر فوجدا فيها رجلا يصلّي فلما فرغ من صلاته سألهما عن حالهما فعرفاه وشأنهما وذكرا بلدهما فعرفهما واجتازت به سحابة فدعا بها وسألها إلى أين أمرت أن تمضي فعرفته فقال لها : امض الى حيث أمرت. ثم دعا بسحابة اخرى فسألها فأخبرته انّها أرسلت لتمطر في موضع كذا وكذا. فأمرها بأخذ الرجلين على ظهرها الى منازلهما فبعثت السحابة وألقت كلّ واحد منهما على سطح دار قد عرفاه جميعا.
فنزل أحدهما من السطح واضعا في نفسه الكتمان ونزل الآخر واضعا في نفسه الإذاعة فلم يستقر في منزله حتى صاح بصيحة الى الملك فحمل إليه فأخبره ان ابنه في الجزيرة ووصفها له فسأله كيف نعلم صدقك؟ فقال له : كنت وفلان ، وحدّثه بحديثهما