من امّه وكذلك سبيل الأنبياء والأئمة عليهم السّلام.
ومضى تارخ ؛ وابراهيم مولود صغير ، ومكث حينا غائبا ، وجاءت امّه لتعرف خبره فإذا هي به وعيناه تزهران فأخذته وضمّته إلى صدرها وأرضعته وانصرفت عنه فأخبرت أباها انّها مضت فما رأته وكانت تأتيه في ذلك الغار إلى أن تحرّك فانصرفت عنه ذات يوم فأخذ بثوبها فقالت له : ما لك؟ فقال : اذهبي بي معك. فقالت له : حتى استأذن أباك.
قال : فأتت أباه فأخبرته الخبر فقال لها : اقعديه على الطريق فإذا مر به اخوته دخل معهم حتى لا يعرف. ففعلت ذلك به ، فلما رآه أبوه ألقى الله عليه محبته له.
فبينا قومه يعملون الأصنام إذ أخذ ابراهيم عليه السّلام خشبة وأخذ الفأس ونجر منها صنما لم يروا مثله قط فقال آزر لامّه ، اني لأرجو أن أصيب خيرا كثيرا ببركة ابنك هذا.
فأخذ إبراهيم الفأس فكسّر الصنم. فأنكر ذلك أبوه عليه. فقال له إبراهيم : وما تصنعون به؟ قال : نعبده. قال إبراهيم : أتعبدون ما تنحتون بأيديكم؟! فقال آزر جدّه هذا الذي يكون ذهاب الملك على يده. قال : فلما شبّ إبراهيم عليه السّلام وكبر صار يجادل قومه في الله جل وعز ويخاصمهم وكان رفيقا بالغريب والضعيف ويقري الضيف حتى سمّي أبو الأضياف.
ثم بعثه الله عز وجل بالحنيفية والتوحيد والإخلاص وخلع الانداد وإقامة الصلاة والصيام والحجّ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجميع شرايع الاسلام وسننه ، وبالختان والتنظيف والتطهير. وأعطاه الله جميع ما أعطى الأنبياء وزاده عشر صحائف وكشف الله عز وجل له عن الأرض فنظر الى جميعها.
وكان من قصته فيما دعا به على الرجل الزاني وما أمره الله في ذلك وفي قوله وقد رأى جيفة بعضها في البر وبعضها في البحر ودواب البر والبحر يأكل منها ثم يأكل بعضها بعضا (أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) ما قص الله جل وتعالى به وجاءت الرواية بشرحه ما هو مشهور.
وشاع خبره عليه السّلام فقبض عليه وأتي به الى نمرود وأخبر خبره فبنى له حيزا وجمع فيه الحطب وأحرق ، ثم وضع في المنجنيق ليرمى به الى النار فلما صار بين الكفة والنار